في هذا المقال نعرض رؤية مختلفة لسيناريو فيلم دم الغزال، وكيف يتناول تيمة القهر.
هل قتلت حنان بالرصاص؟ وهل يمكن أن يقتل القهر إنساناً حتى وإن حاول مواجهته؟
دم الغزال فيلم من إنتاج وتأليف وحيد حامد، إخراج محمد ياسين، بطولة منى زكي، محمود عبد المغني، نور الشريف، وصلاح عبد الله. يدور دم الغزال حول حنان وهي فتاة يتيمة تقرر أن تعمل كخادمة لدى إحدى سيدات الأعمال حتى تتخلص من حياتها البائسة، ولكن أحد جيرانها يسعى للزواج منها قهراً مستعيناً بمساعدة جماعة إرهابية انضم لها.

لتجربة أفضل:
يبدأ دم الغزال بزفاف حنان على سعيد سوبر، ولكن لسبب غير واضح يقرر ضابط شرطة أن يفسد حفل الزفاف، فيقتحمه آمراً بتفتيش العريس، ويقبض عليه لما يجد في جيبه مخدرات. وقد حاول عم عبده -الذي يعد والد حنان- إثناء الضابط عما يريد، إلا أنه فتشه شخصياً، ومن خلال حوار عم عبده مع الضابط، وضح السيناريست أن ما فعله الضابط ما كان ليحدث إن كان الزفاف في فندق فخم، وكان المدعوين شخصيات هامة، حتى وإن ضبطوا متلبسين في أي فعل كان. وبطبيعة المصريين المقهورين، يحاول عم عبده التخفيف عن حنان فيقول لها إن ما حدث قد يكون خيراً، لأن الزوج المتعاطي حتماً سيكون زوجاً سيئاً، رغم أن عم عبده هو من زوجها له!
وكان ما حدث في زفاف حنان باعثاً على إحساس رهيب بالخوف وعدم الأمان، ما جعلها تقول وهي تتحرك مع عبده إلى بيت زوجها بصوت مرتعش: "خايفة.. مقبوضة يا عم عبده"، وكأنها تستشعر ما سيحدث لها في بقية القصة. ولكن تحاول حنان أن تفعل شيئاً في ظل ما يحدث لها، فتقرر أن تعمل، وعلى أنه أمر بسيط إلا أن وجوده غاية في الأهمية، أن يكون القرار نابعاً منها هي، لأن البطل لا ينبغي أن يكون مفعولاً به على الدوام، مهما كان مغلوباً على أمره، وقد أبرز وحيد حامد ذلك في حوار حنان لمّا رفضت عطف عم عبده وعم جابر عميش عليها، وقالت إنها المسئولة عن نفسها ابتداءً من اليوم. وفي الوقت نفسه نرى ريشة منعزلاً في بيته، بعدما تعرض للقهر والمهانة على يد عاطف الهجام، الذي تعمد إذلاله أمام الناس، كما قام عاطف بإجبار زوج حنان على تطليقها قهراً.
بعد إلحاح شديد يجبر عم عبده السيدة نادية صفوان على الموافقة على توظيف حنان، ورغم أن حنان ذات تعليم بسيط إلا أنها تجرأت أن تلوم السيدة على تمنعها وتعاليها، ولعل عزة نفسها تلك كانت أحد الأسباب التي دفعت المرأة للإعجاب بها والموافقة عليها. ومن هنا نوضح كيف أن فيلم دم الغزال عبارة عن سلسال من القهر، والقهر لغوياً يعني أخذ الشيء بغير رضا، وقد بدأ دم الغزال بقهر الحكومة للبسطاء في حفل الزفاف، واستمر القهر فاعتصر رضا ريشة، ما سيؤدي إلى انضمامه لجماعة إرهابية. ولا يقتصر القهر على فرض القوة فقط، بل إن الطريقة التي اتبعها عم عبده في إقناع السيدة لهي شكل من أشكال القهر أيضاً، وكذلك عمل جابر عميش الذي يرتزق منه، بأن يلقي بنفسه أمام سيارة ويحصل على مقابل مادي من صاحبها، لهو أحد أشكال القهر كذلك، وأيضاً طبيعة عمل عاطف الهجام تعتمد على القهر.
(اقرأ أيضاً: في شقة مصر الجديدة.. تيمة القدر)
وقد حاولت حنان أن تهزم القهر الذي يحيط بحياتها من كل الجهات، ها هي تحلم وترقص وتتقرب من شاب، وتوطد علاقتها كذلك بالسيدة. ولكن على التوازي نرى ريشة يتطور في قصته، فيثبت جدارة ويعلن للجماعة رغبته في الانتقام من الهجام، وجدير بالذكر أن استغلاله للجماعة واستغلال الجماعة له لشكل من أشكال القهر كذلك، كما أنه قهر الراقصة ليحصل على متعته. وحقيقة السيدة نادية صفوان تمثل وجهاً آخر للقهر أيضاً، فزوجها فرض عليها عدم رؤية ابنها أو الاحتكاك به بأي شكل من الأشكال، وبذلك تنضم السيدة إلى جماعة المقهورين، ولكنها في جبهة المتحالفين مع البطل، بعكس ريشا الذي يمثل خصماً لها، لذلك تساعدها هذه المرأة وتقرر أن تقيم معها في نفس البيت، لتحميها من ريشة.
(أقرأ: الخصم مرآة البطل وليس مجرد شرير)
ولكن كان للحكومة رأي آخر، وجدير بالذكر أن سلسال القهر يبدأ وينتهي عند الحكومة، وكأن سيناريو دم الغزال يريد أن يشير إلى أن الدولة الداعي الأساسي لوجود القهر، والمسؤول كذلك عن ردعه إن شاءت. تجبر الحكومة حنان على العودة إلى منزلها بكامل هيئتها رغم رفض السيدة، ويكون هدفهم الرئيسي في العملية هو القبض على ريشة، بغض النظر عن أي شخص آخر، ويقتل الكثيرون ويجرحوا دون الهدف، ومن بينهم حنان! التي حاولت قدر ما استطاعت توقيف القهر ومقاومته، ولكن نفذت سهامه إليها آخر المطاف.
تم.
أكتب لنا رأيك في التعليقات، وشارك المقال ليصل للمزيد من الأشخاص.