برنامج محترم بجد.. تحليل برنامج مع كامل احترامي لـ محمد عبد العاطي

مع كامل احترامي

في هذا المقال نتناول تحليل فني لبرنامج مع كامل احترامي، وهو برنامج كوميدي انتشر مؤخراً على موقع اليوتيوب، واشتهر بأسلوبه البذيء وموضوعاته الجريئة، فما الهدف من مثل هذا الأسلوب؟ وما المغزى وراء هذا المحتوى؟

عنوان مع كامل احترامي

تأتي عبارة مع كامل احترامي مناقضة لمحتوى البرنامج وأسلوبه، وهذه الجملة دائماً ما يستخدمها الناس كمقدمة للتحدث بغير احترام، ويأتي ذلك في إطار اتصال برنامج مع كامل احترامي ومقدمه محمد عبد العاطي بالشارع المصري وأسلوب المصريين في التواصل اتصالاً وثيقاً، ويكون العنوان أول العناصر التي تصب في اتجاه مغزى البرنامج الذي سنوضحه لاحقاً.

عنوان حلقات مع كامل احترامي

غالباً ما يكون عنوان الحلقة كلمة أو كلمتين على الأكثر إلا فيما ندر، وتكون عبارة عن تفصيلة صغيرة جداً متصلة بموضوع الحلقة، أو على العكس أحياناً تكون مجرد كلمة جاءت في نص الحلقة بشكل عابر، وهذا لأن برنامج مع كامل احترامي يعتمد على التفاصيل الدقيقة لدى طبيعة المصريين الشخصية.

ومن ناحية أخرى يتعمد مع كامل احترامي أن يبتعد عن العناوين الطويلة المركبة، ويفضل أن يكون العنوان كلمة بسيطة، حتى يتضافر ذلك مع دعوى البرنامج لأن يكون الإنسان حقيقياً وبسيطاً، ويبتعد عن التعقيد.

أسلوب مع كامل احترامي

يعتمد محمد عبد العاطي على الأسلوب الذي يتحدث به الناس في الشارع وفي المقاهي ومع أصدقائهم، بل يتعمد مع كامل احترامي المبالغة في ذلك أحياناً حتى يبرزه أكثر وأكثر، وإن اشتمل أسلوب البرنامج على ألفاظ لاذعة، وتناول موضوعات غاية في الخصوصية والحساسية، فإن ذلك يأتي في إطار مراد البرنامج، وهو أن يعبر عن حقيقة البشر، وبذلك يتناسب أسلوب مع كامل احترامي مع محتواه.

ولا يعني التعبير عن حقيقة البشر الجنوح المفرط نحو البذاءة، وذلك ما حرص عليه مع كامل احترامي، فنجد محمد عبد العاطي يقف دائماً عند حدود الموضوع الذي يتناوله، لا يتجاوزه لمجرد أن يكون مضحكاً، ولا يتحدث عن شيء غير حقيقي.

مع المحافظة على نصيحة في نهاية كل حلقة، ومنذ بداية الحرب على فلسطين في 7 أكتوبر 2023م، حافظ مع كامل احترامي على دعوة لأهل فلسطين وتبعهم أهل السودان، وتذكير مستمر بمقاطعة المنتجات التي تدعم الاحتلال.

ورغم أن محمد عبد العاطي في بعض الأحيان يعطي انطباع أنه غير مقيد بأي حدود، فيغالي في السخرية والتنمر، إلا أنه كان يتوقف دائماً عند دواعي معينة، مثلما تعمد إظهار رفضه لما قام به أحد المغنيين المشهورين من صفع لمعجب من معجبيه، وكذلك تعمد محمد عبد العاطي تحية ممثل على دوره في فيلم بعدما سخر من اداءه في فيلم آخر.

مع كامل احترامي والعلاقة بين بهاء وعبد العاطي

وفي سياق الحديث عن دواخل البشر، اختلق مع كامل احترامي علاقة شد وجذب بين مقدم البرنامج محمد عبد العاطي ومونتير البرنامج بهاء، وكانت طبيعة العلاقة بينهما أن يكون عبد العاطي في الصدارة يسخر من بهاء ثقيل الظل ويتنمر عليه.

وبحسب علم النفس، فإن العلاقة بين مجموعة من البشر دائماً ما يكون فيها شخص تحاول المجموعة بشكل واعي أو غير واعي أن تحترمه وتجعل منه قائداً، وعلى النقيض تختار شخصاً آخر بشكل واعي أو غير واعي وتجعله في المؤخرة، وفي العلاقات الصحية يجنح الشخص المتصدر إلى احترام الشخص غير القادر على الظهور ودعمه، لتعيش المجموعة في تآلف وسلام.

أما في العلاقات غير الصحية والتي حاول مع كامل احترامي الاعتماد عليها، على أساس أنه يعبر عن الجانب المظلم من البشر، فإن من في الصدارة يتعمد دائماً أن يحط من شأن غير القادر على الظهور مثله، ودائماً يكون من في الصدارة خفيف الظل متمكن من السخرية ولا يكون الآخر كذلك.

والعلاقة بين مقدم البرنامج والمونتير هي بالأساس قائمة على هذا المبدأ، أن يحظى الأول بالاهتمام والظهور، ويكون الآخر في الظلال رغم أن دوره غاية في الأهمية.

الفتاة وراء كاميرا مع كامل احترامي

وعلى ذكر دواخل البشر، فبعد بضع حلقات من مع كامل احترامي بدأ يظهر صوت فتاة وراء الكاميرا تضحك على ما يقول محمد عبد العاطي، وذلك من ناحية يزيد من جرأة البرنامج ويزيد من شحنة التهديد التي يسببها لدى المتلقي، حيث إن المصريين دائماً ما يحرصون على ألا تسمع الفتيات ألفاظاً خارجة أو يتم التحدث معها حول موضوع جنسي.

ومن ناحية أخرى فإن الكبت الجنسي الذي يعاني منه المصريين، يجعل من وجود الفتاة خلف الكاميرا مدعاة للإعجاب بمحمد عبد العاطي، حيث إن إعجاب الفتاة به يدعونا إلى اغتباطه أو حسده.

موضوعات ومغزى مع كامل احترامي

احتوى الموسم الأول من مع كامل احترامي على مئة حلقة، منها ما يدور عن الشخصيات في الجيم وفي المصيف، والناس الذي يتذاكون على غيرهم، ومن يحاولون جذب الاهتمام بأي طريقة، من يسهلون أموراً صعبة، ومن يصعبون أموراً سهلة.

تنوعت موضوعات مع كامل احترامي، ولكن يمكن ضمها جميعاً في إطار واحد، وهو أن يكون الإنسان صادقاً، ألا يحاول أن يشعر الآخر بأنه أفضل منه لأي سبب، ألا يحقر من ذاته ويراسل فتاة لا يعرفها ويعرض عليها أن يكون خادماً لها، ألا يتصور أن العالم يدور حوله ويحاول جذب الاهتمام حتى من المتوفي بأن يتظاهر بالحزن المفرط عليه.

إن مع كامل احترامي اختار عناويناً بسيطة للحلقات، وأسلوباً يشبه الذي يتعامل به الناس فيما بينهم وبين بعضهم، فتاة تضحك على النكات المخلة، وشخص نضطهده ونقلل منه، ليخاطب البرنامج دواخل المشاهد ويلامس حقيقته، حتى أن المقاطع المسروقة من البرنامج على مواقع التواصل تصحبها فيديوهات تكسير وتقطيع تثير لذة داخلية لدى المشاهد.

إن برنامج مع كامل احترامي يتحدث بلسان أظلم المناطق داخل النفس حتى يدعو للتصالح معها وتقبلها، حتى لا نتظاهر بالمثالية.

يحاول مع كامل احترامي أن يكون صادقاً، ليدعوك للصدق، يدعوك لألا تقول مع كامل احترامي ومن ثم تتحدث بغير احترام.

تم.

أكتب لنا رأيك في التعليقات، وشارك المقال ليصل للمزيد من الأشخاص.