ميكروفون.. صوت الحرية

 فيلم ميكروفون

لقد وضع خالد الكان على كرسي الترام مثلما أراد أن يلتقط الشباب ويعطيهم صوت.

في مقالنا نتناول تحليلاً لموضوع فيلم ميكروفون وطريقة تناوله.

فيلم ميكروفون 2010، تأليف أحمد عبد الله السيد وهيثم يحيى، إخراج أحمد عبد الله السيد، بطولة خالد أبو النجا ومجموعة من الفنانين الشباب، يدور الفيلم حول شاب يحاول إقامة حفل موسيقى للفرق الموسيقية المستقلة في الإسكندرية، فيواجه صعوبات كثيرة رقابية ومادية في سبيل تحقيق ذلك. 

(اقرأ: كيف تكتب لوج لاين؟)

فيلم ميكروفون


ما يؤخذ على فيلم ميكروفون

بعد أكثر من أربعين دقيقة من زمن ميكروفون يظهر الحدث المحرك، وهو محاولة خالد جمع بيانات عن الفرق الموسيقية المستقلة، وأسباب ذلك ترجع إلى محاولة كاتبي ميكرفون إقامة بناء مختلف لسيناريو الفيلم، نظراً لموضوع الفيلم والطريقة المتبعة في تناوله.

ولكن جاءت طريقة سرد ميكروفون مربكة، التداخل بين الخطوط الدرامية كان معقداً مستعصي على الفهم إلى حد كبير، فبصفة شخصية استطعت أن ألتقط الخط الرئيسي للأحداث والعلاقات بين الشخصيات وبعضها بعد ما لا يقل عن خمس مشاهدات للفيلم.

وحتى وإن كان الهدف هو الدمج بين نوعي الروائي والتسجيلي، فإن الأفلام التسجيلية لا تصل إلى حد الإرباك والتشتيت. 


العلاقات بين شخصيات فيلم ميكروفون

وبغض النظر عن التداخل المربك، اتسم فيلم ميكروفون بالصدق والحقيقية في الربط بين الشخصيات وبعضها، فنرى البطل العائد من السفر بالخارج، يواجه محبوبته (منة شلبي) التي تخطط للسفر.

ونجد ربط بينها وبين فرقة ماسكرا التي يحاول أعضائها أن يغنوا دون أن يرى الناس وجوههم أو يتعرفوا على هويتهم الحقيقية، بالإضافة إلى أنهم يغنون بالإنجليزية ما يشير إلى التأثر بالغرب.

وفي المشهد الذي يغنون فيه بالعربية يتداخل مع المشهد حيث تقول محبوبة خالد في سياق الحديث عن سبب رغبتها في السفر: إن الوضع هنا بالنسبة للذكر ليس هو نفسه بالنسبة للأنثى.

وهناك ربط آخر بين بائع الشرائط التسجيلية في الشارع، وبين الفرق التي يدور فيلم ميكروفون حولها، فمن المفترض أن البائع هو الرابط بين الموسيقيين وبين الجمهور، فنراه منذ بداية الفيلم يتعرض للقهر من قبل الشرطة، الذين يطاردونه بدون سبب واضح.

ونجده يحاول طوال الفيلم أن يبيع بضاعته في سلام وبأبسط الإمكانيات، ولكن دون جدوى وآخر المطاف يمسك به ضباط شرطة ويضربونه بلا تهمة أو سبب واضحين!


الحرية والحب في فيلم ميكروفون

الحديث عن الحرية يستلزم الحديث عن الحب، فالحرية والحب صنوان لا يفترقان، لأن الحب يتفجر وينمو خاصة في أصعب الظروف، ويقول الشاعر الفلسطيني تميم البرغوثي: "لماذا يلح علينا الحب وقت الحرب؟ ... هل نشعر بندم مضاعف على أبواب عشق فتحت لنا ولم ندخلها حين ندرك قصر الوقت؟".

(اقرأ: Incendies.. الحب والحرب)

ولكن الحب في فيلم ميكروفون كان مقيداً مغلولاً، يبدو أن الحرب أهون من الكبت، فلقد أثر الكبت الذي يعانيه الأبطال على الحب، ليس فقط لأن البطل وجد محبوبته تخطط للهجرة، أو حين توترت العلاقة بين مجدي وسلمى، بل كان الكبت يظهر في أبسط المواقف فيحول دون نمو الحب. 

نجد مثلاً ياسين حين تشتد الأمطار ويدلف مدخل عمارة فيجد آية واقفة، نراه يحييها في خجل ويبتر ابتسامته ويشيح ببصره بعيداً، ما تتعجب منه آية، وما أشار إليه البطل في مشهد لاحق حين تعجب من عدم قدرة ياسين على خلق حوار معها رغم أنه يحبها.


الخصم الحقيقي في فيلم ميكروفون

ورغم أن الأبطال حاولوا المواجهة بكل الطرق، كان الكبت والقمع يجدان الطريق إليهما، فمثلاً بعد أن استقرت فرقة ماسكرا على الغناء بالعربية وجدت إحداهن شقيقها أمامها في الشارع وهي بزي الفرقة، وبذلك اكتشف أهلها سرها وسيمنعونها من الغناء.

(اقرأ: الخصم مرآة البطل)

ورغم أن خالد انتصر على الخصم الذي لعب دوره الرقيب صالح، واستطاع أن يجد الحل في إقامة حفل للشباب في الشارع، إلا أن الناس تدخلت ومنعتهم، وكأن فيلم ميكروفون يريد أن يقول إن فساد الأنظمة من فساد الشعب.

ولكن رغم كل ذلك يوجد هناك أمل، فالسمكة مازالت تتنفس رغم خروجها من الماء لمدة سبع ساعات، وها هم يعيدونها إلى البحر، قد تكون تلك إشارة من الفيلم إلى أن الحل هو الهجرة.

أو ربما لا يعرف صناع فيلم ميكروفون حلاً واضحاً، ولكنهم يشعرون أن السمكة حية وستقدر على النجاة بطريقة ما وتظل في انتظار الحرية.


تم.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال