Incendies.. الحب والحرب

في مقالنا نتناول شرح سيناريو فيلم Incendies من حيث الفرق بين أثر الحب وأثر الحرب.

يدور فيلم Incendies حول أم تبحث عن ابنها، وكذلك ابنتها تبحث عن الحقيقة التي عرفتها الأم، وما ستكتشفه الابنة يتضافر مع ما اكتشفته الأم فيبرز لنا الفارق بين تأثير الحب وتأثير الحرب.

Incendies


 Incendies.. البداية والتحول

لقد اضطرت الأم للتخلي عن ابنها مؤقتاً، لمّا رفض أهلها زواجها سراً وحبلها من أحد اللاجئين الفلسطينيين المسلمين قبل الحرب الأهلية في لبنان، وأودع الابن في أحد الملاجئ، قبل أن يجند لصالح اليمين المسيحي اللبناني ضد الفلسطينيين. وعلى التوازي تغادر الابنة كندا حيث عاشت الأم مع ابنيها وربتهما، وكذلك تبدأ رحلة الأم في الماضي في التفتيش عن ابنها، حيث يغلق اليمين المسيحي الجامعة فتتوقف الدراسة، وتعود الأم للملجأ فتكتشف ما حدث له وللأطفال. وبينما تستقل حافلة بها لاجئين فلسطينيين يعترضهم مسلحين من اليمين المسيحي، ويقتلون الجميع أطفالاً ونساءً بلا رحمة، ولكن تنجو نوال لمّا تخبرهم أنها مسيحية مثلهم.

وفي منتصف الفيلم، حيث تنعطف الأحداث في اتجاه جديد، يحدث التحول للأم، فتقرر الانتقام من الوطنيين، وتقتل قائد إحدى الميليشيات المسيحية، وعليه تُعتقل، وتتعرض للاغتصاب في السجن. ونكتشف أن توأميها ابنا الجلاد المغتصب، وكان هذا الجلاد هو ابنها الذي تبحث عنه، وقد اغتصب الابن أمه في السجن -دون أن يعرف أنها أمه. وقد عمل الابن لصالح الوطنيين اللبنانيين في هذا السجن، بعدما خرج من سيطرة الفلسطينيين، وأراد أن يجد أمه.

(اقرأ: ملخص كتاب فن الشعر.. التحول في منتصف القصص)


ذروة فيلم Incendies

خرجت الأم من السجن واعتنت بالطفلين رغم كل ما حدث، لم تكرههم ولم تعاقبهم على ما تعرضت له، بل كانت ابنتها جان على وجه الخصوص شخصية نبيلة وناضجة وحساسة. ولذلك كانت الابنة أكثر حرصاً على تنفيذ وصية الأم والبحث عن الأخ والأب، الذي اكتشفت آخر الأمر أنهما نفس الشخص، وقد عرفوا ذلك عن طريق قائد اليسار المسلم شمس الدين.

ومن هنا يبرز لنا الفيلم الفارق بين الحب والحرب، الحرب جعلت من الابن خصماً للبطلة، أمه، وجعلت منه أباً لأخويه، الحرب خلقت التشوهات والأخطاء الجسيمة. في حين تسلحت الأم بالحب فأحبت فلسطيني مسلم، وأنجبت من الحب ولداً، ورغم كل ما قاسته في حياتها، استطاعت عن طريق الحب أن تربي طفليها وليدي الاغتصاب والقهر.

(اقرأ أيضاً: ميكروفون.. الحرية والحب)


المشهد الأخير في Incendies

والأهم أن استطاعت نوال من خلال الحب -الذي كررت ذكره غير مرة في خطابها للابن- أن تغير الخصم، أفضل الأبطال في الدراما هم الذين يغيرون في خصومهم، نرى الخصم في المشهد الأخير يقف أمام قبر البطلة، وسط خضرة الحب الذي انتصر على الحرب، فالأخيرة لم تستطع أن تحدث مثل ذلك التأثير، رغم أنها قامت بقوة الأسلحة والقنابل. والأهم أن تلك الحرب قامت باسم الإله، وكأن فيلم Incendies يعلمنا كيف نعرف الإله بحق، فقد أثبت وجوده بالرياضيات، وكذلك من خلال الدراما، فجعل البطل تغير الخصم. 

(أقرأ: البطل والخصم.. شرح العلاقة بينهما)

وكون الخصم هو الابن والأب يتشابه مع فكر العقيدة المسيحية، ويخاطب في الوقت ذاته عقيدة المسلمين، إنه نفس الكيان في كل الأحوال، ولا يهم كيف نراه وكيف نعبده، إنه الحب، لقد جاء من الحب، ورغم كل الحروب ولَّد الحب.

تم.

أكتب لنا رأيك في التعليقات، وشارك المقال ليصل للمزيد من الأشخاص.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال