ملخص كتاب فن الشعر أرسطو.. المرجع الأساسي لكل كاتب

في هذا المقال نعرض ملخص كتاب فن الشعر تأليف الفيلسوف اليوناني أرسطو، من خلال التركيز على ما يتعلق بكتابة القصص الدرامية في زمننا المعاصر، وبالتالي سنتجاوز الحديث عما جاء به الكتاب مما يتعلق بأشكال وأنماط وتاريخ الدراما التي تناولها أرسطو في كتابه.

فن الشعر


عن كتاب فن الشعر

كتب أرسطو كتاب فن الشعر في وقت غير معلوم قبل عام 323 ق.م، وبات الكتاب حتى اليوم مرجعاً أساسياً لكُتَّاب الدراما والباحثين في شؤونها، وقد بلغت أهمية كتاب فن الشعر حداً أنه كان يزاحم في عصره الكتاب المقدس نفسه، من حيث الاهتمام بطباعته ودراسته.

ورغم أن كتاب فن الشعر في فترة من الفترات واجه انتقادات ومحاولات للمحيد عن قواعده، وخاصة محاولة المخرج الألماني برتولد بريخت في مسرحه الملحمي، والذي صممه ليكون المشاهد في حالة وعي ويقظة وليس انغماس وتوحد. 

(اقرأ: تأثر مواطن ومخبر وحرامي بمسرح بريخت الملحمي)

إلا أن محاولات معارضة أرسطو في حدتها لهي اعتراف بمبادئه وقوة ما جاء به في كتاب فن الشعر. 

وكما اتضح من فحوى الكتاب فقد وقع في جزئين، لم يصلنا منهما سوى هذا الجزء الأول الذي تحدث فيه أرسطو عن التراجيديا والملحمة، بينما ضاع الجزء الثاني الخاص بالكوميديا. 


نبذة عن أرسطو

ولد أرسطو طاليس في 384 ق.م في مدينة استاجيرا في تراقيا باليونان القديمة، بعد موت سقراط بخمسة عشر عاماً، وتتلمذ أرسطو على يد أفلاطون، ثم تحول إلى معارضته ونقد فلسفته، وكان ذلك في بداية حياة أرسطو كمفكر.

قبل أن تتبلور شخصية أرسطو فيكون له فكره الخاص القائم على التحليل والتجريب، والذي اختلف فيه عن أفلاطون، فقد ولى أرسطو اهتماماً أكبر بالنقد الأدبي.

وأسفرت تلك المرحلة من حياة أرسطو عن أهم مؤلفاته، ومنها كتاب فن الشعر، قبل أن يموت في مدينة خالقيس عام 322 ق.م. 


فن الشعر ونشأة الدراما

يرجع منشأ الدراما إلى حب الإنسان الفطري للمحاكاة، وإن الإنسان ليزداد استمتاعه بالمحاكاة كلما كانت دقيقة وشديدة الشبه بالشيء المحاكى، وسبب متعته هو أنه يتعلم منها شيئاً.

وقد نشأت التراجيديا والكوميديا كتطور للشعر الملحمي والشعر الهجائي، بأن صارا أكثر تنظيماً وصعدا إلى خشبة المسرح. 


فن الشعر والتراجيديا

تتسم التراجيديا بصفة أساسية بكونها محاكاة لفعل جاد، يقوم به أناس نبلاء، أفضل مما هم عليه في الواقع، يقعون في خطأ يترتب عليه مأساة.

هذه المأساة تثير خوف المشاهد لأنه يخشى أن يقع هو في نفس خطأ البطل، وتثير كذلك إشفاقه على البطل مما هو فيه لأنه يراه لا يستحق أن يشقى، ما يؤدي إلى حدوث التطهر لدى المتلقي. 


فن الشعر والكوميديا

قال أرسطو في فن الشعر إن الكوميديا هي محاكاة لفعل هزلي، يقوم به أناس أرزل مكانة، أسوأ مما هم عليه في الواقع، يتعرضون لأخطاء مضحكة بسبب نقائصهم.

وتلك الأخطاء لا تسبب ألماً للمتلقي، بعكس التراجيديا، ولذلك اعتبر أرسطو التراجيديا أكثر سمواً من الكوميديا، وذلك لدور التراجيديا في إثارة عواطف المشاهد والارتقاء بمستوى وعيه، بعكس الكوميديا.


تطور الدراما في فن الشعر

وأخذت الدراما بصفة عامة تتطور فظهر الممثل الثاني والثالث، وتطورت الأقنعة إلى مكياج، وتطورت الحبكة أكثر فازداد عدد الفصول، واستمر تطور الدراما حتى يومنا هذا، فأخذت الأشكال التي نعرفها الآن من عروض مسرحية وأفلام سينمائية قصيرة وطويلة وغيرها.


فن الشعر والفارق بين التراجيديا والملحمة

كتب أرسطو أن الفارق الأساسي بين التراجيديا والملحمة هو أن الملحمة غير مقيدة بزمن محدد، بينما تلتزم التراجيديا بأن تدور خلال دورة قمرية واحدة.


فن الشعر والحبكة

رأى أرسطو أن الحبكة هي الجانب الأهم من التراجيديا، أهم من اللغة والشخصية والمرئيات المسرحية، فإن كانت الشخصية من تفعل واللغة والمرئيات ما يعبر باستخدامهم، فإنما هذه تفعل وتلك تعبر عن تسلسل الأحداث الذي يحدث ترتيبها وتسلسلها بطريقة معينة الأثر المطلوب لدى المتلقي. 

وفي سياق متصل أشار أرسطو في كتاب فن الشعر إلى أن تتابع الأحداث وتسلسلها لأمر غاية في الأهمية، فلا بد وألا تحدث الأحداث عن طريق المصادفة أو لتدخل من الإله. 

بل ينبغي أن تحدث نتيجة لما سبقها من أفعال الشخصيات وتؤدي لما بعدها من نتائج، بحيث يحدث عدم ترتيب الأحداث وتسلسلها التفكك والاضطراب.

لابد وأن تكون الأحداث موضوعة بطريقة لو تغير معها مكان أحد الأجزاء اضطرب الكل.


أجزاء الحبكة في فن الشعر

ذكر أرسطو في فن الشعر أن الحبكة تكون تامة عندما تتكون من بداية ووسط ونهاية، البداية هي جزء لا يسبقه جزء، ولكن بالضرورة يليه أو ينتج عنه جزءٌ آخر هو الوسط.

والوسط وهو الذي حتماً يسبقه جزء ويليه جزء. 

أما النهاية فعلى عكس البداية، هي جزء يفترض أنه نتيجة لما سبقه، ولكن لا يؤدي إلى جزء آخر.


طول الحبكة في فن الشعر

كتب أرسطو أن الطول المناسب للحبكة هو الطول الذي يسمح للبطل بأن يتحول من حال إلى نقيضه، من السعادة إلى الشقاء أو العكس، متى يحدث هذا التحول يتحتم على الحبكة أن تنتهي. 

وفي نفس الوقت يأتي الطول المناسب للحبكة على قدر المدى الذي يسمح بأن يستوعبه المتلقي ويقدر على تذكر صورة عامة عنه بسهولة.


فن الشعر والوحدة العضوية

ذكر أرسطو في فن الشعر أنه ينبغي أن تدور القصة حول حدث واحد، وليس كما ظن البعض حول شخص واحد، لأن الشخص الواحد قد تحدث له الكثير من الأحداث، بينما لا بد وأن نختار حدث واحد يحدث للبطل، وإن أمكن نتناول من خلاله بقية الأحداث المتصلة بنفس الحدث الرئيسي، ونستبعد غير المتصلة منها.

(اقرأ: كيف تكتب لوج لاين؟ شخصية وحدث وسؤالين)


فن الشعر ومبدأ الفرضية

تقوم الدراما على أساس الفرضية، فهي لا تحكي أحداثاً وقعت بينما أحداث يمكن أن تقع لشخصيات تتصرف على نحو معين، على أساس من الاحتمال أو الحتمية.

وقد نوه أرسطو في كتاب فن الشعر على أن ذلك ينطبق حتى وإن تناول كاتب الدراما أحداثاً حقيقية في قصة عن سيرة ذاتية مثلاً.

بعبارة أسهل: تعتمد الدراما على كلمتي (إذا) و (قد)، أي إذا تصرف شخص بهذه الطريقة في هذه الظروف قد يحدث له كذا وكذا، وإذا تصرف في كذا وكذا بهذه الطريقة وفي هذه الظروف، قد يؤدي ذلك إلى كذا وكذا.


مكونات الحبكة في فن الشعر

- المقدمة 

وتبدأ من قمة التعقيد، وليس من بذور الأزمة، فمثلاً في مسرحية فيدر لجان راسين، تبدأ الأحداث وقد وقعت فيدر بالفعل في حب ابن زوجها، ونتابع بقية خلال الأحداث مأساتها حين تعترف له وتكتشف أن أبوه ما زال على قيد الحياة.

- الخطأ التراجيدي/الهامارتيا

وهو ما يسمى في الدراما المعاصرة الحدث المفجر أو المحرك، وهو كما ذكرنا في الجزء السابق اعتراف فيدر بحبها لهيبوليت ابن زوجها، اعتقاداً منها أن الأب قد مات.

- التحول أو التعرف أو كلاهما

يتوسط الأحداث حدثاً يسبب التحول في مجراها، أو التعرف على معلومة كبيرة أو كليهما معاً، مثلما يكتشف أوديب أنه متزوج من أمه عن طريق الرسول، فهنا يتعرف البطل على شيء يحول مجرى الأحداث إلى اتجاه جديد، ويكون ذلك نتيجة لما سبق وسبباً يترتب عليه ما هو آتٍ.

- الاختبار الأقصى/الباثوس (المعاناة المستشفقة)

وفيه يواجه البطل أصعب ما يمكن أن يواجه خلال رحلته، مثلما واجه عطيل محبوبته ديدمونة بخيانتها، وقتلها.

- النهاية/الحل (من السعادة إلى الشقاء بسبب خطأ الشخصية)

وفيه يدرك البطل -التراجيدي تحديداً- حقيقة ما فعل، ويعثر على طريقة ينهي بها عذاب رحلته، وفي التراجيدياً غالباً ما يعاقب البطل نفسه، مثلما انتحر عطيل بعدما أدرك أنه ظلم ديدمونة.

هنا ينتهي ملخص كتاب فن الشعر أرسطو، والذي وضع المبادئ الأساسية لكتابة الدراما، وما يزال كتاب الدراما إلى يومنا هذا يهتدون بنورها، مهما اختلفت طبيعة وشكل الوسيط الذين يكتبون فيه، مسرح، سينما، أو حتى دراما إذاعية، وإن كان أرسطو قد ركز على التراجيديا فإن ما وضعه من أسس تنطبق على كل أنواع الدراما الأخرى.

تم.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال