في هذا المقال نتناول تحليل برنامج حيلهم بينهم، وما هي الحيل التي لجأ إليها عمرو رمزي للتلاعب بضيوفه.
حيلهم بينهم
برنامج مقالب تلفزيوني مكون من 60 حلقة، تقديم عمرو رمزي، وعبارة "حيلهم بينهم" هي تعبير كويتي يعني دعهم يشعلون النيران في بعضهم البعض.
يستضيف حيلهم بينهم مجموعة من الممثلين والمغنيين ولاعبي كرة القدم المشهورين، ويعتمد المقلب على أن يقوم المذيع عمرو رمزي باستفزاز ضيوفه بواسطة اسئلته الغريبة وأسلوبه المتعجرف.
بداية برنامج حيلهم بينهم
يدخل عمرو رمزي الحلقة محدداً صفة معينة مستفزة يصف بها ضيفه، مثلما قال للفنان فتحي عبد الوهاب أنه مغرور، أو لقب غريب مثلما قال لـ نيللي كريم إنها فنانة استعراضية، أو مدخل معين يمتهن من خلاله الضيف، مثلما حط من شأن سعد الصغير لأنه يغني للحمار، ومثلما اعتمد على كلمات وتعبيرات لغوية غليظة مثل "التقوقع على الذات" و"التشرنق" في التعامل مع شعبان عبد الرحيم.
ويركز عمرو رمزي على تكرار الصفة المختارة مرات عديدة منذ دخول الضيف وبداية الحوار، وما أن يصاب الضيف بالانزعاج حتى يقاطعه عمرو رمزي بفاصل قصير، ولما يعبر الضيف عن انزعاجه من المقاطعة يقول له رمزي إنني وجدتك متوتراً فاخترت الخروج لفاصل.
حيلهم بينهم وحيلة الفاصل القصير
وهنا أولاً يستخدم عمرو رمزي مقاطعة الضيف بعدما لقبه بلقب غريب ومستفز، حتى يحوِّل اهتمامه من اللقب المستفز إلى المقاطعة، وبدلاً من أن يعترض الضيف على اللقب ينشغل بالمقاطعة.
ويستمر رمزي في مضايقته فيبدأ في الخوض في توتره، بل ويملي عليه أنه يريده أن يجيب على السؤال بطريقة معينة، والآن وقد استفزه إلى درجة كبيرة دون أن يسمح له بالانفعال يعود من الفاصل مبتسماً بشدة في وجهه.
حيلهم بينهم والتلاعب المزدوج
يكون الضيف على أشد الاستعداد للتعبير عن انزعاجه، وهنا يسمح له عمرو رمزي بتلك الطاقة التنفيسية، من خلال أسئلة غريبة، ومهما حاول الضيف السخرية من الأسئلة يستمر رمزي في أسلوبه الجاد، ويتعامل مع الإجابات الساخرة من قبل الضيف على محمل الجد.
بل ويستخرج منها أسئلة جديدة، فمثلاً قالت له نيللي كريم رداً على أحد الجمهور الذي قال إنه رآها في كلية الإعلام بأنها لم تذهب لكلية الإعلام، فما كان من عمرو رمزي إلا أن سألها لماذا لا تحبي الذهاب للكليات؟!
وقد صرح عمرو رمزي في لقاء له بأنه كان متفقاً مع الإعداد على السماح للضيف بمتسع من السخرية منه كمذيع، وهنا نشير إلى المكسب المزدوج الذي يحققه مذيع حيلهم بينهم من سخرية الضيف منه، وهي أن يسمح له بقليل من التنفيس حتى يستمر معه في الحلقة، وتلك أحد أهم سمات المتلاعبين، أن يسمحوا للضحية بقليل من الحرية حتى لا ينفجر ويستمر الاستغلال.
ومن ناحية أخرى يستخدم مذيع حيلهم بينهم سخرية الضيف في خلق المزيد من الأسئلة، أي يستمر في التلاعب مستمداً وقوده من الضحية، وبذلك يوهم الضيف بأنه ينفس عن غضبه، وهو في الحقيقة يزيد من الخناق عليه.
حيلهم بينهم وقلب الأدوار
وإذا ما تطاول الضيف أكثر من اللازم، مثلما فعل فتحي عبد الوهاب، يبدأ المذيع في التعبير عن استيائه من هذا التطاول، ويتظاهر بالحزن على صداقتهم.
وما يكون من الضيف سوى الانصراف عن استيائه من الأسئلة والأسلوب وينشغل بإنكار الصداقة بينهما، وبذلك يظهر الضيف بمظهر الجاحد المتعجرف، في حين أن المذيع هو من يمارس التعجرف منذ البداية، ولكنه نجح في صرف الضحية عن الحقيقة والتركيز على أمور أخرى تزيد من موقفه سوءاً.
وجدير بالذكر أن عمرو رمزي منذ بداية حلقة فتحي عبد الوهاب كان يصفه بالمغرور وحين صرخ منكراً صداقتهم تحققت فيه هذه الصفة بالفعل!
حيلهم بينهم والجمهور
اشتمل برنامج حيلهم بينهم على نوعين من الجمهور، الجمهور الحاضر في الاستوديو والجمهور في الشارع، وكان جمهور الاستوديو تحديداً قادر على التمثيل إلى درجة ما، إذ كان يتعين عليهم أن يتظاهروا بالجدية مهما حدث، حتى يدفعوا الضيف إلى الشك في نفسه، وقد علق عدد من الضيوف على ذلك الأمر بعد اكتشاف حقيقة المقلب.
أما فيما يخص الجمهور في الشارع، كان مذيع حيلهم بينهم يصدِّق على كلامهم بطريقة تستفز الضيف أكثر وأكثر، وقد كان لجمهور الشارع مساحة هجوم أكبر على الضيف من الجمهور في الاستوديو، إذ أنهم لا يرون الضيف أمامهم، كما أن المذيع لا يستطيع أن يسكتهم أو يعارضهم.
ولكن جمهور الاستوديو كان مذيع حيلهم بينهم يتعمد أن يبالغ في الصراخ عليهم حين يقولون للضيف كلمة جارحة متفق عليها، وتلك تقنية تلاعب عكسية، فبدلاً من التصديق على قولهم، يساهم إنكاره بشدة مفرطة في الاعتراف بصدقه بطريقة غير مباشرة.
ومن ناحية أخرى يتظاهر من خلاله عمرو رمزي بأنه يحمي الضيف ويحرص على شعوره، في حين أنه يسبه ويقلل من شأنه منذ بداية الحلقة، وتلك من سمات المتلاعبين أيضاً، أن يدافع الجاني عن ضحيته في مواقف صغيرة حتى يدفعها للشك في نفسها، وفيما تعتقد بخصوص الانتهاك الذي تتعرض له.
حيلهم بينهم وفقرة الحقل الفني
وكانت فقرة وجهة النظر من الحقل الفني في برنامج حيلهم بينهم أكثر الفقرات تأثيراً على الضيف، إذ أنه يسمع رأي من فنان صديق له، وفي زمن لم تكن موضة المقالب منتشرة كما هو الحال في أيامنا هذه، فكان الضيف يشك في نفسه بالفعل ويكاد يصدق ما يقال عنه.
ولذلك كانت فقرة الحقل الفني تأتي بعدما يغادر الضيف الاستوديو ويعود ثانية، إذ كان مذيع حيلهم بينهم يعرف بشكل ما أن الضيف سيصل إلى لحظة يغادر فيها المكان غاضباً، ومن ثم فريق الإعداد سيعيده، ومادام الضيف اتخذ موقفاً كهذا فإنه ما يزال يظن أنه على حق، ولذلك تأتي بعدها فقرة الحقل الفني، فتكون ضربة قوية في معتقدات الضيف عما يحدث.
حيلهم بينهم ونقطة انهيار الضيف
ويحسب لبرنامج حيلهم بينهم -على عكس الكثير من برامج المقالب- أنه يقف عند نقطة اقتراب انهيار الضيف، ويتعمد ألا يتخطاها، فما إن يستشعر عمرو رمزي أن الضيف قد بلغ ذروة الانفعال حتى ينهي الحلقة ويكشف حقيقة المقلب.
ولذلك لم نر في أي من الحلقات ضيفاً قد وصل به الحال إلى البكاء الهيستيري مثلاً أو قمة الانزعاج، في حين نرى ذلك يحدث اليوم في برامج حوارية ذات طبيعة خاصة، ولا تكون مقلباً، بل يأتي الضيف وهو على علم بأن المذيع سيواجهه بحقائق وفضائح، ويوافق لأن الجمهور يحب هذا!
وتقوم هذه البرامج باللعب على وتيرة الانحطاط البشري الداخلي، ولذا وجب الإشادة ببرنامج مثل حيلهم بينهم، وكنا من قبل قد أشدنا ببرنامج مع كامل احترامي، وسنشيد بكل من يقدم منتج فني ممتع للمشاهد دون الخروج عن حدود الأخلاق.
(اقرأ: تحليل برنامج مع كامل احترامي)
تم.
أكتب لنا رأيك في التعليقات، وشارك المقال ليصل للمزيد من الأشخاص.