
إن التساوي يختلف عن التطابق، 2+2 تطابق 2+2، ولكن 1+3 تساوي 2+2، والمساواة هي ما ننشده وليس التطابق، بمعنى ألا يفعل الطرفين نفس الأشياء بنفس الطريقة، وإنما تتساوى أفعالهما بما يحقق العدالة، فإذا كانت الزوجة ربة منزل، فمن العدل أن تعمل في المنزل بقدر ما يعمل زوجها في وظيفته، ويتشاركان فيما يتبقى من أعمال المنزل، هذه هي المساواة، وهذا هو العدل، ويجري الأمر بنفس الطريقة تقريباً إذا كانت الزوجة عاملة. ولكن في منزلي مع والديّ وإخواني، لم استطع تطبيق الأمر كيفما ذكرته، لأن الجميع لن يشتركوا معي في أعمال المنزل، إنما تقوم الأم بهذه الأعمال، وعليه قررت أن أقوم بالأعمال المتعلقة بي أنا فقط، أغسل ملابسي، أرتب سريري، أنظف غرفتي، وأساعد في الطبخ، هذا لأنني لن آكل بمفردي، ولأن مسألة اجتزاء نصيبي من الطعام وطبخه على حدى غير عملية.
إن مسألة المساواة بين الذكر والأنثى تتداخل مع مسألة احترام جميع الناس على اختلاف وظائفهم وطبقاتهم الاجتماعية، فلا يجوز أن يظن الطبيب أنه أفضل من السباك، ولا أن يتعامل المهندس وكأنه أعلى شأناً من جامع القمامة، لقد خلقنا الله جميعاً وساوى بيننا كأسنان المشط، بل وساوى بيننا وبين الكائنات الأخرى فقال إنهم أممٌ أمثالنا، من يمارسون هذه العنصرية يعتقدون أن الوظائف البسيطة مثل الكهربائي والنجار وما شابه مخصصة للأشخاص الأقل شأناً، ولكن هذا غير صحيح، إن كل وظيفة تحتاج لمقومات، الطبيب لا يستطيع أن يعمل عمل الخياط، والمهندس لا يستطيع أن يؤدي وظيفة الجزار، بل إن الدول المتقدمة تعرف جيداً أهمية العمال، وتضعهم على رأس الدولة، لأنهم الشريحة الأكبر، والمحرك الأساسي للاقتصاد. وبنفس المبدأ تأتي مسألة عدم المساواة بين الذكر والأنثى، خاصة فيما يتعلق بأعمال المنزل، فالذكور يعتبرون أن هذه الأعمال أحط شأناً من أن يقوموا بها، وهذا بالطبع غير صحيح، ما حدث أن قيامي بهذه الأعمال رفع من شأني، إذ ملأني بالتواضع وإنكار الذات، ودفعني دفعاً نحو التسامي. وما يحدث في الواقع أن كثير من نسائنا المصريات لا يرفضن القيام بأعمال المنزل، وإنما يفعلن بكل حب وتفانٍ، ولكنهن يحتجن إلى تقدير الرجل، شكره وامتنانه، وليس تكبره واستعلاءه.
وإنني رغم كل شيء أود لو تكون زوجتي ربة منزل، ليس لدي أدنى مشكلة أن تكون عاملة، سأقبل وسأدعم، ولكني أفضل ألا تكون كذلك، فأنا غير جيد بما يكفي في أعمال المنزل، وليس لدي من الطاقة ما يساعدني على القيام بذلك يومياً، وخاصة الطبخ، وإني لأحب الطعام وأكن له كل المودة، لنعترف أننا نعجز عن القيام بما تقوم به الأنثى في المنزل، ولسنا نرفضه لأننا أعلى شأناً. ولكن ما أقول لا يعني أنني لن أشارك زوجتي في هذه الأعمال، سأفعل بكل تأكيد، ولكن إذا كانت ربة منزل ستكون مشاركتي محدودة بطبيعة الحال، وهذا ما يناسبني.
لقد اكتشفت من تجربتي المتواضعة أن القوامة مسؤولية وليست تفضيلاً وتمييزاً، إنني قائم على رعايتكِ، أي مسؤول عنكِ، ولذلك فإن عمل الرجل لا بد منه، ولا يصح أبداً أن تعمل الزوجة ولا يعمل الزوج، إن مسؤوليتها عن المنزل بصفة أساسية ومسؤولية الرجل عن الأموال ليست إلا تكريماً لها، بل إنني أظن أن تكريمها يفرض على الرجل أن يؤدي عنها أعمال المنزل في كثير من الأحيان، خاصة المتعلقة به. والتكريم هنا أيضاً ليس تمييزاً ولا تفضيلاً، وإنما احتراماً وتقديراً، فالأم هي من تحمل الإنسان في داخلها، وترضعه، وتكون العالم بأكمله بالنسبة له في سنين عمره الأولى. لست أدري كيف يحتقرها الذكوريون، ولا أعرف لماذا قد يحاول إنسان بكل جهده ألا يطبق المساواة، بل ويعارضها ويهاجمها، المساواة هي العدالة، وما يسعى لغير العدالة إلا ظالم.