أول مرة أكتب
في عام 2007م، كنا نسكن في منطقة سيدي عبد القادر في العامرية بمحافظة الإسكندرية، كنت قد تعلمتُ بالفعل الحروف الأبجدية في الحضانة عندما كنا في الصعيد، ولكني لا أذكر أني استطعتُ الكتابة إلا حين كنا في الإسكندرية، كنت أكتب خطابات لوالدي، فقد كان كثير السفر، من وإلى الصعيد، لم أكن أرسل الخطابات له وإنما كنت أكتب ما أريد أن أخبره به في شكل خطاب، على أن أعطيه له لمّا يعود، أحكي فيه عن حبي وتعلقي به، وحزني الشديد أثناء غيابه، وأحكي كذلك عما يحدث في البيت في أثناء سفره، حتى يعاقب ويحاسب من أخطأ وأذنب.
أول كتاب
عندما صرتُ في الصف الرابع الابتدائي حاولت تأليف أول كتاب، أسميته (نور الضياء)! بالطبع كنت أفكر في اسم عميق غير مدرك أن الكلمتين مترادفتان، وقسَّمت الكتاب إلى عدة أقسام، لاحظت بينما أكتب الآن أن تقسيم الكتاب يشبه تقسيم المدونة، فقد كنت أريد أن أكتب في أشياءً كثيرة ومتنوعة، قسماً للقصص وقسماً للخواطر وقسماً للضحك!
ثورة يناير
كان والدى قد أهداني أجندة من الأجندات التي يتسلمونها في العمل -كان موظفاً، وقد اعتاد أن يعطيني الأجندة في بداية كل عام، ويكتب في صفحتها الأولى: "إهداء إلى الدكتور محمد محمود"، ومن هنا بدأت أتعرف على فكرة تسجيل اليوميات. ولما اندلعت ثورة يناير أصبحتُ أسجل الأخبار اليومية بجانب الخواطر والأفكار، أذكر ما كتبته ذات مرة: "نحن جميعاً تضايقنا من مبارك.. وأمنية الشعب المصري أن يرحل مبارك". ولاحقاً بعد نجاح الثورة قمت بطباعة صور الشهداء، ولصقتُ صورة في كل صفحة، لا أعرف فيما كنت أفكر بالضبط!
قصيدة
في الصف السادس الابتدائي وبعد ثورة يناير اشتهر الشاعر هشام الجخ، تأثرت به كثيراً وحفظت الكثير من قصائده، واشتركت باسم المدرسة في مسابقة إلقاءٍ للشعر، وبعدها حاولت أن أنظم قصيدة، حاولت فيها أن أعبر عما اتعرض له في المدرسة من تنمر واضطهاد، بسبب قصر قامتي ونحافتي، فكتبتُ: "ضايقوني واستهزئوا بي.. أكلوني واستمتعوا بي.. قتلوني بسكينة باردة".
أول رواية
في المرحلة الثانوية، وبعد أن انتقلنا من الصعيد إلى المدينة، هذه المرة إلى العجمي وليس عبد القادر، تعرضتُ ثانية للمضايقة والاضطهاد، وكالعادة دفعني ذلك نحو الكتابة، أذكر أني حاولت كتابة رواية سميتها (الجلسة خلصت!)، وكانت جملة قالها يوسف الشريف في مسلسل الصياد متحدثاً إلى معالجته النفسية. كان ما كتبت عبارة عن حوار بين البطل وبين المعالجة، لا أذكر شيئاً مما كتبت، ولكني أذكر أني لم أكتب سوى صفحة ونصف، بقلم (جيل)، مازلت أذكر شكل الصفحة.
الحلزونة
دُفعت نحو الكتابة للمرة الخامسة بسبب الضيق والعجز بعد التحاقي بكلية العلوم، كان علي أن أرسب حتى أثبت لأهلي أنني جاد في أمر تغيير مجال الدراسة، وقررت أن أقضي العام الأول في ممارسة الكتابة، لم أكن قد قررت بعد أن أدرس السينما، ولكني قررت كتابة رواية، عن فتى مضطرب نفسياً، يعاني إدمان أحلام اليقظة، نعيش معه قصة كاملة ونكتشف في النهاية أن كل ما حدث كان متخيلاً، على أن يكون اصطدامه بالواقع الذي كان يهرب منه معززاً لقسوته، وكأنه يتحرك في حلزونة، تعيده إلى ما هو أدنى من نقطة الصفر، كلما حاول الهرب، فيقرر الانتحار. كانت القصة مستوحاة من حياتي، ولكنها لم تكتمل..
صوت داخلي
دخلت معهد السينما، بعد حرب مع الأهل، وعملتُ في مكتبة، ولكني طردت منها بشكل مهين، بعد عدة مواقف واجهت فيها صعوبة في التواصل مع الناس، فقررت الكتابة عن حياتي كما هي، كتبت أول نسخة في ثلاثة أيام، وعلى مدار خمس سنوات كتبت صوت داخلي أكثر من عشر مرات، منها نسخة فازت بجائزة، ونسخة قدمتها كمشروع تخرج، في كل مرة كنت أعود لكتابته بعد اكتشاف المشكلة على نحو أعمق، وما زلت أكتشف..
المدونة
كنت قد حاولت إنشاء مدونة عدة مرات، أول مرة في أول سنة دراسية في المعهد، وثانية في السنة الرابعة، وأخيراً بعد التخرج، لا أستطيع أن أحكم على التجربة الآن، فإني ما زلت داخلها، ولكني أتمنى أن أكون موفقاً في نظركم..
تم.