Loving Vincent
فيلم رسوم متحركة من إخراج دوروتا كوبيلا وهيو لتشمن، يدور حول أرماند رولان، ابن صديق فينسنت فان جوخ، يسعى رولان لتوصيل رسالة كتبها فينسنت قبل انتحاره، إلى طبيب فينسنت الدكتور جاشيه، فيقابل أرمين العديد من الشخصيات تحكي له عن فينسنت.

لتجربة أفضل:
Loving Vincent.. قصة مرسومة فينسنت ليس بطلها!
أن يكون الفيلم مرسوماً يدوياً بالكامل لهو شيء مبهر بلا أدنى شك، ولكن الأهم هو أن يكون اختيارك كصانع أفلام لصالح خدمة الدراما في المقام الأول، وليس الإبهار، وقد كان اختيار صناع Loving Vincent موفِّقاً بين الأمرين، حيث يدخلنا الفيلم في عالم يشبه لوحات فينسنت، ويتناول الفيلم الكثير من لوحاته كديكور للمشاهد. ورغم أن Loving Vincent يدخلنا إلى عالم فان جوخ إلا أنه ليس هو البطل، وكان ذلك أيضاً لصالح دراما القصة، حيث إن حياة فينسنت فان جوخ ستبقى غامضة مجهولة بالنسبة لنا، رغم إرث الرسائل الضخم الذي تركه وراءه، والتي يحكي فيها الكثير عن حياته، إلا أنه من الجيد ألا نراه كبطل، وألا نشاهد حياته كشيء مجسم وملموس، ذلك يبقي حياته في مكان ذي رهبة، ويجعل من الفيلم أكثر واقعية، ولسبب آخر سنشير إليه فيما يلي.
Loving Vincent.. قصة تشبه لوحاته
ورغم أن قصة فينسنت في الفيلم غير ملموسة، إلا أن الحبكة غير مفككة، وذلك أحد أوجه عبقرية سيناريو Loving Vincent، أن تكون الحبكة متماسكة، حتى لا يتشتت المشاهد أو يفقد تركيزه، ولكنها لا تؤدي بالبطل آرماند رولان إلى أي شيء، حيث كان يحاول رولان إثبات أن فينسنت مات مقتولاً وليس منتحراً، ولكن يخيب أمله. ومن المثير أن في لحظة الكشف التي يتحدث فيها رولان مع مارجريت جاشيه -التي كان يحبها فينسنت، أنه في بداية المشهد يلقي بعصا على حقل القمح، فتطير الغربان هرباً، ما يشبه لوحة الحصاد لفينسنت فان جوخ، والتي كتبَ فينسنت عنها أن رغم ألوانها الزاهية فقد رأى فيها الموت!
ورغم الكشف تظل الحقيقة محسوسة غير ملموسة، تماماً مثل لوحات فينسنت، ومثل معاناته، وهذا هو السبب الآخر لعدم كون فينسنت فان جوخ بطلاً لفيلم Loving Vincent الذي يحكي قصته؛ فلو كان البطل لرأينا خطاً درامياً متماسكاً يحكي عن معاناته في التواصل مع الناس، ولكن لمّا تكون قصة غيره سنرى قصته عبارة عن شذرات مبعثرة، تمنحنا الشعور بمعاناته ولكن تمكننا من لمسها.
Now I understand
What you tried to say to me
How you suffered for your sanity
Perhaps they listen now
Loving Vincent.. قصة رسالتين
الرسالة التي أوصلها أرماند لدكتور جاشيه، والرسالة التي تسلمها منه، الأخيرة كتبها فينسنت في بداية رحلته الفنية، ويقول فيها إنه مجرد نكرة بالنسبة إلى الناس، وأنه سيحاول من خلال أعماله الفنية أن يثبت لهم حقيقته، وقد قرأ أرماند هذه الرسالة بينما يستقل عربة تمر خلال أهم وأجمل لوحات فينسنت، وكأنها تجيب على ما كتب في رسالته، كما أننا منذ بداية الفيلم في عالم فينسنت الخاص، ولا مزيد على الإعجاب والإبهار الذي نشعر به تجاه أعماله في هذه اللحظة.
والرسالة الأولى كتبها قرب نهاية رحلته، وفيها يعرض رؤيته للموت، ويقول إنه يمكن ألا يكون شيئاً سيئاً، ولعل الموت يمكَّنه من ملامسة النجوم، وقد ذكر فينسنت في حديثه عن لوحة الحصاد السابق ذكره، إن الموت هنا لم يكن مخيفاً، بل كان يتجلى في وضح النهار تشتمله أشعة الشمس الذهبية. وكأن فينسنت عاش حياته المضطربة فقط ليترك لنا هذا الإرث الفني المبهر، ولمَّا أتم وجب أن يرحل، ومن الطبيعي أن تكون حياته ورحيله مختلفين عن حياتنا وموتنا، لأنه لم يترك لنا شيئاً نألفه ونستطيع إنتاج مثله، ولكنه يظل مثلنا -فيما يخص الموت في هذه اللحظة قبل الرحيل- غير قادر على ملامسة شيء بشكل يقيني.
هكذا يمر الفيلم من أمام عينينا، وتنثال الأغنية الختامية، نشعر بهما بشدة ونعجز عن لمسهما، ويمكن نعت موسيقى الفيلم بنفس الكلمات أيضاً، فبعد المشاهدة تسمع موسيقاه تتردد في وجدانك وليس في أذنيك. وقد تسمع المشاهدين يقولون كيف أن البشر سامحهم الله عذبوا إنساناً حساساً كهذا ودفعوه للانتحار؟ ولكن إن كان الجميع يقول ذلك، فمن الذي يعذب غيره ويقلل من شأنه؟ عندها ستدرك معنى آخر عبارة في أغنية الفيلم: Starry Night:
They would not listen
They are not listening still
Perhaps they never will
تم.
أكتب لنا رأيك في التعليقات، وشارك المقال ليصل للمزيد من الأشخاص.