زوج مهذب جداً - قصة قصيرة

* * *

زوج مهذب جداً - قصة قصيرة
تصوير: إسراء خلف الله

* * *

في الليل، أحكمتُ الغطاء حول جسدي محتمياً من الخطر؛ عفريت كان أو لص، ورحت أفكر في مشكلتي مع عمر بن عم مريم الذي أضحى يحول بيننا مهدداً بإخبار أهلها، هل يحبها أيضاً؟! هي لم تخبرني أنها تحبني لكني أعرف ذلك بالطبع، لم تلعب معي إذن؟ ولم عساها تحبه؟ صحيح أن شعره أكثر نعومة واستطالة من شعري، ولكني أشطر الطلاب في فصلي والفصول المجاورة، بينما لم ينجز عمر واجبه يوماً، كما أنه ينطق بالكلمات البذيئة التي يمقتها بابا، كيف عساها أن تحب ولداً يتفوه بكلمات كهذه؟ قال أخي الكبير يوماً في تهكم حين حدثته عن حبي لمريم: إن البنات في الابتدائي يحببن الأولاد المهذبين، لكن فيما بعد يفضلن المنحرفين! على عدم اقتناعي بما قال قلقتُ، جذبتُ الغطاء من كل ناحية حتى امتشق حول جسدي غير متخوفاً من ظهور عصفوري إذا تمدد، بعدما أقلعتُ عن التفكير فيما يتمدد لأجله.

كان ذلك في سن الثالثة تقريباً، حيث اعتدنا على تغيير القناة عند ظهور مشهد بذيء، كان بابا يلفظ هذه المشاهد بشدة، ما جعلني أنهار باكياً واعترف له بأنني سمحت لنفسي بمشاهدة كليب غنائي مرة حين كنت بمفردي، فقد غلبني فضول رهيب في متابعة جسد المطربة المتمايل، ووسط بركان من الخوف داخلتني لذة دفعتني للاستمرار. لم أربط في البداية بين ما اشاهده وما شعرت به يتمدد في الأسفل، لكن فيما بعد لاحظتُ أن الأمر يتكرر كلما اجتررت في رأسي مشاهد الكليب أو غيره من نفس القبيل، أو حتى اختلقت مثلها. ولم أحتج للسؤال عن سبب ذلك، فبعد أن لاحظت عدم القدرة على التبول في ظل هذا التمدد عرفت أنه عقابُ من الله، فمن يشاهد ذلك أو يتخيله يستحق أن يحتبس ماؤه حتى ينفجر بطنه.

توقعت من بابا عقاباً شديداً كنت مستعداً لتقبله، خاصة لما وقع منه من انفعال مرعب حين لمس اهتمامي الذي جاهدتُ لإخفائه بمشاهد مشابهة، وما نشده من عذاب أبدي في نار جهنم لمن يشاهد أو يفعل ذلك، ما جعل الهلع يتملكني حين شاهدت بمفردي، وعزمت على إخفاء مشاعري، ولكن قضيتُ أياماً طوالاً من الخوف والبكاء، وفي النهاية انهرتُ واعترفت لبابا بكل شيء، ولكنه قال لي: "استغفر ربنا" ومضى! إنه رجل طيب بحق.

اعتدتُ قبل النوم أن أتخيل حياتي مع مريم حين نتزوج، فيتاح لي أن أفعل ما أفعل، فقد قال بابا إن الزوجة فقط هي ما يمكن للرجل رؤية جسدها وتقبيلها، ولكني اليوم أقرر التنازل عن هذا الحق، خاصة لأنني لم أطق تخيل بابا وماما يفعلان، لا أريد تدنيس مريم بفعل ذميم كهذا أو حتى تخيله، أريد أن أراها مثل أمي، سأكون مهذباً معها ما حييت، ربما احتضنها مساء فقط دون تعري، فعلتُ في خيالي ونامت بين ذراعي قبل أن يقبضني النوم الحقيقي.


النهاية.

جميع نصوص هذه المدونة مسجلة لدى إدارة حقوق المؤلف،
ويحظر نشرها أو استخدامها دون إذن كتابي صريح من مؤلفها.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال