في مقالنا نعرض شرح وتحليل سيناريو فيلم عطر امرأة Scent of a woman. إذا كنا نعرف الصواب واخترنا ألا نراه، هل ستعاقبنا الحياة في بصرنا؟ وإن أخفقنا في الاختيار أول مرة، هل تعطينا الحياة فرصة ثانية؟!
يدور فيلم Scent of a woman حول العقيد فرانك سلايد وهو ضابط جيش أعمى متقاعد، يخطط للانتحار رفضاً لما حدث له بعد جولة من المسرات برفقة مساعده تشارلي، الذي يجاهد ليمنعه من قتل نفسه. وعلى التوازي يتورط تشارلي في مسألة المشاغبين المطلوب منه الإفصاح عن هويتهم في المدرسة، وهو يرفض أن يفعل ذلك تحت أي ظرف من الظروف، ما يسخر منه دائماً العقيد سلايد، ويحاول إقناعه بأن ينجو بنفسه، بل ويقبل الرشوة التي عرضها عليه مدير المدرسة مقابل الوشاية بهم. ورغم أنهم حفنة أغنياء متعجرفين تعمدوا التقليل من شأن تشارلي في بداية الفيلم بخصوص الخروج معهم في رحلة يعجز تشارلي عن دفع تكلفتها، إلا أن تشارلي يختار ألا يفضحهم.
طبيعة سيناريو Scent of a woman
لأن فيلم Scent of a woman اجتماعي، وليس تشويقياً أو غموض، يعرفنا البطل بهدفه ونهاية خطته بوضوح منذ البداية، وهو أن يقتل نفسه. وكذلك تكون مسألة تشارلي واضحة منذ بدأت، فجميع المشاهدين يتوقعون أن صديقه سيلجأ لأبيه لينجو بنفسه من المأزق، ويترك تشارلي وحيداً في مواجهة مسئولي المدرسة. أما إذا كان الفيلم تشويقياً فكان البطل سيمضي في خطته دون أن نعرف نهايتها حتى حين، وكانت مسألة تشارلي ستبقى غير واضحة كذلك حتى يقع ما يقع.
ويشمل فيلم Scent of woman كذلك نوعاً خاصاً من الخصوم، وهو الخصم الذي يساعد البطل ويمنعه عما يؤذيه، فقد كان تشارلي هنا هو الخصم الذي يحول دون وصول العقيد فرانك سلايد لهدفه ويقتل نفسه، فحينما يكون هدف البطل شيئاً سيئاً يكون الخصم من هذه النوعية. وقد أضاف الفيلم بعداً آخر أكثر جمالاً، وهو أن يكون الخصم السبب في تغير البطل للأفضل، فقد تأثر سلايد بنزاهة تشارلي وقرر أن يساعده في أزمته، ويحل محل أبيه.
(اقرأ أيضاً: الخصم مرآة البطل وليس مجرد شرير)
Scent of a woman وفرصة ثانية للاختيار
نرى فرانك يتوقف للحظة متفكراً أثناء الدفاع عن تشارلي، ثم يقول بنبرة ذات معنى إنه قد وقف من قبل في مفترق طرق، ولم يختر الاختيار الصحيح رغم أنه كان يعرفه جيداً، وقبل بضع جمل حوارية ذكر سلايد أنه قبل سنوات كان يستطيع الرؤية وقد رأى بالفعل، وقال إن النزاهة من صفات القادة، وكأنه يقول لنفسه إنه كان في موضع قائد مسؤول، وكان لابد وأن يتحلى بالنزاهة مثل تشارلي. ولذلك كانت حاسة الشم لدى البطل قوية جداً، وكان إن جاز التعبير يرى دون عينين، للإشارة إلى أن الاختيار كان واضحاً جداً أمامه بفضل قدرته العالية على الإحساس، كان قادراً حتى على شم رائحته، ولكنه لم يختره، لذلك عاقبته الحياة. ورغم أن سيناريو Scent of a woman لم يوضح لنا ماهية الاختيار الذي اختاره سلايد بالضبط، إلا أننا نكتفي بالشعور به، وندرك أن إصابة عينيه وكأنها عقاب على اختياره الخاطئ، أو نتيجة غير مباشرة له، لأنه كان يرى الاختيار الصحيح جيداً ولم يختره، فحرم من بصره. ولذلك على مدار الفيلم كان سلايد يحاول أن يغري تشارلي بالاختيار الخاطئ، ولمّا وجد منه إصراراً وتمسكاً بالمبدأ، وجنوحاً نحو الشرف والنزاهة تأثر به، وأدرك أن تلك فرصته الثانية التي تعطيها له الحياة لكي يختار الاختيار الصحيح.
هذه هي قصة فيلم Scent of a woman، على أن مدته الفيلم طويلة، تصل إلى أكثر من ساعتين ونصف، إلا أن ما وراءها بسيطاً وعميقاً في ذات الوقت، وأحداثه رغم طوله كانت مسلية جداً، لا تكاد تشعر معها بانقضاء الزمن.