رواية السراب تأليف نجيب محفوظ، صدرت عام 1948م. تدور حول كامل رؤبة لاظ، شاب تربى على التدليل المفرط من والدته، لذا بات شديد الخجل والتردد، فماذا سيفعل في مواجهة الحياة بعدما أصبح شاباً يحتاج للعمل والزواج؟ وكيف ستكون حياته في ظل الخوف الرهيب من المواجهة والرغبة الملحة دوماً في الهرب؟
(أقرأ: كيف تكتب لوج لاين؟ شخصية وحدث وسؤالين)
عالم رواية السراب وعالم الواقع
لعل الخوض في دواخل شخصية كهذه كان أمراً جديداً في زمن صدور الرواية، ولكن خلال السنين التي تلت ذلك، تناولت الدراما الكثير من الشخصيات والأحداث المشابهة، إلا أن رواية السراب تبقى ذات إبهار خاص وقدرة على الإضافة لقارئها. ويرجع ذلك إلى قدرة نجيب محفوظ الفريدة على السرد السلس، القادر على شحذ ملكات قارئه، والاحتفاظ بتركيزه، كما يرجع إلى أصالة وصدق المشاعر التي يعبر عنها محفوظ في روايته السراب. هذه النقاط تجعل من قراءة رواية السراب في الحاضر -وبعدما مرت عقود على صدورها- محط إعجاب، ومادة جيدة للتسلية والتعلم عن طبيعة النفس البشرية.
طريقة نجيب محفوظ في معالجة رواية السراب
جاءت رواية السراب مزيجاً بين نوعي الاجتماعي والنفسي، حيث تستعرض حياة كامل لاظ اليومية، ما يميز النوعية الاجتماعية من الروايات، وفي نفس الوقت كانت رواية السراب تعتمد على ما يعتمل داخل نفس بطلها، مركزة على التفاعلات النفسية والصوت الداخلي.
يؤخذ على نجيب محفوظ الاسترسال في التمهيد، حيث يستعرض محفوظ حياة البطل منذ الطفولة بشكل متباطئ إلى حد ما. ولكن يحسب لنجيب محفوظ التطور الملحوظ في تلك النوعية من القصص، المشابهة لروايته خان الخليلي، وكان نجيب قد أخطأ -في رأينا- في رواية خان الخليلي لمّا اعتمد على أسلوب الراوي العليم، وقد داخلنا الملل في بعض الأحيان أثناء قراءتها، لكن ذلك لم يحدث في رواية السراب البتة، بل كانت القراءة مسلية ممتعة، رغم طول الأحداث وبطء الإيقاع.
(أقرأ: مراجعة وتقييم رواية خان الخليلي)
وقد وفق نجيب محفوظ كذلك في اختياره أسلوب الراوي الذاتي، فرغم أن رواية السراب اجتماعية بالأساس، إلا أن الحياة الداخلية لبطل الرواية هي ما يحرك الأحداث الخارجية الكثيفة.
تقييم رواية السراب
4/5
اقتباسات مميزة من رواية السراب
"وها هي الحياة تستفزني للتمرد والثورة، ولكن أي تمرد وأية ثورة؟ لم أجد جواباً واضحاً"، "على عجزي ونقائصي كان يخيل لي أحياناً أني الكمال المطلق، فهذا الحياء القاتل أدب، وهذا الإخفاق في الدراسة عبقرية بطيئة النمو، وذاك الفقر المدقع في الصداقة والحب تسام"، "لشد ما تعاودني تلك الرغبة القديمة في الهرب، من أين لي بأن أقطع كل صلة تربطني بماضي البغيض؟!"، "ليس أشق عليَّ من الاختيار بين أمرين"، "الحب يخلق الجمال كما يخلق الجمال الحب"، "أيمكن أن تعتري حبيبتي الطاهرة المحتشمة هذه الشهوة الوحشية؟ إن هذا لأبغض مما أتصور".
تم.