مراجعة وتقييم رواية خان الخليلي لـ نجيب محفوظ

نبذة عن رواية خان الخليلي

رواية اجتماعية للأديب العالمي نجيب محفوظ، صدرت عام 1945م في باكورة رحلة نجيب محفوظ الأدبية. 

تدور رواية خان الخليلي حول أحمد عاكف، وهو أربعيني عزب ينتقل مع أسرته إلى حي خان الخليلي حيث يحب جارته الشابة، ولكن يعود شقيقه رشدي، الذي ضحى أحمد بشبابه لأجل أن يلقى رشدي حياة جيدة، بعدما فُصل والدهما من العمل. 

ويصادف أن يحب رشدي نفس الفتاة دون أن يدري بحب أخيه أحمد لها، فماذا سيحدث آخر المطاف بين الشاب ومحبوبته خاصة وأن البطل قد آثر الكتمان؟ 

خان الخليلي


عالم رواية خان الخليلي وعالم الواقع

تتناول رواية خان الخليلي التضحية المفرطة غير الواجبة من أحمد عاكف تجاه شقيقه رشدي، والتي دفعت أحمد لأن ينغمس في قراءة كتب عديمة الفائدة، وحفزته لأن يعيش في وهم أنه مفكر ومثقف، ولكنه عاثر الحظ. 

ولشد ما أبهرني قدرة نجيب محفوظ على صياغة أفكار ومشاعر شخصية أحمد عاكف، خاصة حين تعلق الأمر بالعلاقة مع الأنثى، فقد أظهرت رواية خان الخليلي خجل وتردد أحمد عاكف بتمكن مذهل، وقدرة مبهرة على التغلغل داخل ثنايا نفسه، وفكها وتبسيطها، ثم عرضها وإبرازها من خلال المواقف بطريقة خلَّاقة.

ورغم أن خان الخليلي تدور في مطلع أربعينيات القرن العشرين، إلا أنها متصلة وبشدة بالواقع الذي نعيشه الآن، بل إن مبدأ التضحية المفرطة من أجل الأقرباء قد ازداد وتوحش في الوقت الآني عنه في زمن ومكان رواية خان الخليلي. 


شخصيات رواية خان الخليلي

تمكن نجيب محفوظ من صياغة خط أحداث مناسب لكل شخصية، تنتهي نهاية يراها المتلقي حتمية، ولكن دون أن يتوقعها، سواء قرار الكهل الجانح للتألم، أو ما حدث لشقيقه المستهتر، وقد كانت نهاية خطي الشقيقين مناسبة لكل منهما، ومناسبة كذلك لألا يجرح القارئ الذي تعاطف مع البطل، وتألم بألمه، وكذلك ما بدر من نوال تجاه الكهل وكذلك تجاه أخيه آخر المطاف.


راوي خان الخليلي ونوعية الرواية

هنا نرى أن نجيب محفوظ أخفق في اعتماده على أسلوب الراوي العليم، كما أخفق في اختيار نوعية الرواية، إذ كان سيناسب رواية خان الخليلي أكثر أن تكون رواية نفسية وليس اجتماعية، حيث إن خان الخليلي قصة نفسية في المقام الأول، يحركها تفاعلات أحمد عاكف الداخلية، وتعتمد بصفة أساسية على حياته هو فقط.

وكان ذلك سبباً في شعوري كقارئي بالملل بعد بلوغ منتصف الرواية، لأنني دُهشتُ وأعجبت بالخوض في داخل شخصية أحمد عاكف في النصف الأول، ولكن ما إن واصلتُ القراءة في النصف الثاني حتى وجدتُ نفس الشيء يقدم لي من خلال أحداث ومواقف مختلفة. 

ولم أر سبباً في أن أطلع على حياة شخصيات أخرى غير البطل، ولم أكن مهتماً بمعرفة ذلك، كنت أفضل أن أسمع صوت أحمد عاكف يحكي قصته، فتكون الرواية أقوى وأكثر تكثيفاً.

ولكن لا بد أن نذكر هنا أن رواية خان الخليلي كتبها نجيب محفوظ في مستهل رحلته، وأن الروايات النفسية آنذاك لم تكن قد ترسخت وتبلورت بعد بشكلها المعروف.


تقييم رواية خان الخليلي 

2/5


اقتباسات من رواية خان الخليلي

"وجد لتوه ذاك الشعور بالاضطهاد، المؤلم اللذيذ معاً!"، "ولا ريب أنه مما تطيب به نفسه ألا يعبأ بشيء، ...، وأن يريها أنه لم يكد يشعر حتى بأن فتاة هجرته"، "وعذبه القلق والتردد والإشفاق، ولم يكن أبداً ذا عزيمة وإرادة، فنكص على عقبيه بقلب خائر وفكر مشتت".

"تلك اللذة الغامضة التي تؤلف بينه وبين الألم كما تؤلف بين الفراشة والنور"، "وذكر ليلة دعته إلى اللحاق بها، وكيف تردد وجبن، أما رشدي فلا يمكن أن يتردد أو يجبن!".

تم.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال