الكتابة.. كما عرفتها

في هذا المقال أتحدث عن تجربتي مع الكتابة، أشكال الكتابة التي اختبرت، رؤيتي للكتابة، ومشاعري تجاه السينما والأدب.

الكتابة كما عرفتها


أشكال الكتابة في حياتي

اتخذت الكتابة في حياتي أربعة أشكال أساسية، وهي كتابة السيناريو حيث كتبت العديد من السيناريوهات القصيرة والطويلة بحكم دراستي للسينما. 

والكتابة الأدبية حيث كتبت عدداً من القصص القصيرة منها ما هو منشور على هذه المدونة.

والشكل الثالث هو كتابة اليوميات والخواطر، وقد كان هذا النوع من الكتابة محط اهتمامي منذ الطفولة، منذ تعلمت الكتابة. 

أما الشكل الرابع والأخير فهو كتابة المقالات الموجودة في هذه المدونة، عن السينما وغيرها.


كتابة السيناريو كيف أحببتها

من بين كل أشكال الكتابة التي اختبرتُ، أحببت كتابة السيناريو أكثر ما أحببت، كانت في نظري أشبه بشكل هندسي منتظم الملامح، أسرد من خلاله -وفي ضوء نظامه- ما يعتمل في نفسي من تصورات وأفكار. 

أسرني بشدة اعتماد السينما على وحدة بنائية صغيرة، ألا وهي المشهد السينمائي، هذه الوحدة قابلة للحصر، ويمكن من خلالها التحكم في إيقاع الفيلم.

كما سحرتني السينما في اعتمادها على عدد كبير من الفنون، الكتابة، والتصوير، والموسيقى، والتمثيل، وغيرها، وكأنها عصارة فنية شديدة الدسامة والثقل، قادرة على مخاطبة الوجدان والتأثير فيه إلى أبعد الحدود. 

ورغم افتناني بتلك الفنون بخلاف الكتابة، إلا أنني أميل -في صناعة الفيلم- إلى كتابة السيناريو دون غيرها.

ولم يتوقف اهتمامي بالسيناريو عند حد الكتابة والدراسة، بل إن مشاهدتي للأفلام باتت مختلفة، كلما تعمقت في دراسة السيناريو كلما اختلفت نظرتي للأفلام التي أشاهد، وهذا ما دفعني في المقام الأول لإنشاء مدونة تكون الكتابة موضوعها الرئيسي.

(قسم: درس في الكتابة)


كتابة الأدب كيف وجدتها

لقد بدأت الكتابة أول ما بدأت بكتابة رواية أدبية، قبل أن أتحول لدراسة السيناريو، ولكن مؤخراً عدت للأدب بفضل المدونة، وكتبت عدداً من القصص القصيرة كما ذكرت.

ورغم أنني وجدت في الأدب حرية أكثر منها في السينما، حيث إن الأمر يتوقف فقط على التخيل والكتابة، دون عناء الإنتاج والتنفيذ، وتصاريح التصوير، بجانب صعوبات التعامل مع البشر، وبخاصة الممثلين. 

رغم ذلك مازلت أجد في كتابة السيناريو الحب الأكبر، للأسباب التي ذكرت المتعلقة بكتابة السيناريو، ولأسباب أخرى متعلقة بالأدب، منها الجمود الذي استشعره أحياناً في الكلمات، فهي إلى حد ما جافة غير نابضة بالحياة، ومهما كان القارئ قادراً على التخيل، فإن الكلمات ستظل في إطار متخيل، لا أشعر أبداً أنها ستكون حقيقية إلى الحد الذي تستطيع السينما الوصول إليه.

(مقال: القراءة.. كما عرفتها)

ولكن من ناحية أخرى، هذا ما يجعل للقراءة قيمة أكبر منها للمشاهدة، إذ يتعين على القارئ أن يبذل مجهوداً أكبر مما يبذل المشاهد.

وهذا أيضاً ما يضع الكتابة الأدبية في مكان أكثر رقياً -إن جاز القول- من كتابة السيناريو، فالذي يقرأ ما تكتبه -خاصة القصص- لا يراها مجسمة واضحة في ذهنه مثلما يشاهد فيلماً، ما يجعل القراءة تؤثر في وجدانه إلى حد يكاد يضارع تأثير السينما الساحر، ويزيد عليها لقدرته على التأثير في الفكر.


كتابة اليوميات.. رغبة التسجيل

الأمر يشبه ما تحدثت عنه في مقال القراءة كما وجدتها، حيث نظرتي للقراءة وعدم اهتمامي بكمية الكتب التي أقرأ، مقابل اهتمامي بالاستفادة منها، كذلك أرى كتابة اليوميات، لست أنظر إليها كعادة يومية لابد أن أحافظ عليها، أشعر دائماً أن الأشياء حين ينظر إليها من تلك الزاوية تدخل في إطار الاستهلاكية، فتكاد تفقد صدقها.

إنني أكتب باستمرار لسببين، الأول هو رغبتي في تسجيل اللحظات، فإنني أشعر دوماً بالقلق حين أفكر كيف أن الحياة طويلة متداخلة، مليئة باللحظات والأفكار والمشاعر، ولذلك أود أن أسجلها حتى أشعر ببعض من السيطرة عليها.

والسبب الثاني فهو أن الكتابة بمرور الوقت -وبفضل العلاج النفسي الذي انتظمت فيه لثلاثة أعوام حتى الآن، الكتابة باتت طريقتي في التفكير، أفك من خلالها تشابكات وتعقيدات الأفكار داخل رأسي الصغير الذي لا يتوقف.

ولأنني لا أفرض على نفسي الكتابة كعادة يومية لابد أن أفعلها، أحياناً يقتصر كتابتي اليومية على سطر أو سطرين، ففي بعض الأيام أجد رأسي خالياً مما يمكن أن يكتب، لا تكون الأفكار متوقفة، ولكنها أحياناً ما تكون غير قابلة للكتابة، فأكتب فقط فكرة رئيسية ملحة على ذهني اليوم، وما يصاحبها من شعور، دون استرسال.

وفي قليل من الأيام لا أكتب أي شيء، ورغم ما ينتابني من خوف على عادة الكتابة، إلا أنني أطمأن نفسي بالتفكير في أن ما يستحق أن يكتب سيلح عليّ حتى أكتبه، وما دمت غير راغب في الكتابة، فلا مكان للكتابة في هذا اليوم. 


تم.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال