هذا المساء.. المرأة محوراً للقصة

هذا المساء

مسلسل اجتماعي تم عرضه في رمضان 2017م، قصة وإخراج تامر محسن، بطولة أحمد داوود، محمد فراج، أسماء أبو اليزيد، حنان مطاوع، وإياد نصار.

يدور مسلسل هذا المساء حول سمير الذي يحاول أن يساعد تقى في التخلص ممن يهددها بفيديو جنسي ظهرت فيه مع خطيبها السابق، فكيف سيستطيع سمير فعل ذلك وصاحبه سوني يحاول مساعدتها هو الآخر بطرق أخرى قد تفسد كل شيء خاصة وأنه يحبها وهي تحب سمير؟ وكيف سيكون موقف سمير من الفيديو الجنسي الخاص بها آخر المطاف؟

(اقرأ: كيف تكتب لوج لاين؟ شخصية وحدث وسؤالين)

هذا المساء


لتجربة أفضل:


هذا المساء.. القرصنة في مسلسل اجتماعي 

رغم أن مسلسل هذا المساء يتناول موضوع القرصنة على الأجهزة والهواتف الذكية، إلا أنه يُحكى في إطار اجتماعي وليس غموض وتشويق، كما هو الحال في أغلب الأعمال التي تتناول القرصنة. 

ما يدل على جنوح صناع هذا المساء نحو التركيز على البشر وطبائعهم وتعقيداتهم وعلاقاتهم من خلال موضوع القرصنة، ما جعل الشخصيات -على بساطة الأحداث وسلاستها- شديدة التعقيد.

ويجدر الإشادة هنا بأداء الممثلين، والإشادة بطبيعة الحال بكتاب مسلسل هذا المساء، ومؤلف قصته ومخرجه تامر محسن، فالقصص لكي تكون قوية لا يشترط أن تحتوي على صدامات عنيفة، والتمثيل الجيد لا تظهره مشاهد الانفجار والمشاحنات، بل إن الممثل الجيد من يستطيع أن يتقن الانفعالات الرفيعة.

وصانع الدراما الجيد من يمتلك الجرأة على طرح عمل درامي بهذا النضج والهدوء في الموسم الرمضاني، وسط تهافت الجمهور على الدراما التقليدية الصاخبة.


هذا المساء.. المرأة كموضوع للمسلسل

يتخذ مسلسل هذا المساء كما ذكرنا من القرصنة كموضوع خارجي للسيناريو، ومن المرأة كموضوع داخلي يربط بين أجزائه وشخصياته، وقد جاءت عبارات المرأة واحترام المرأة بشكل عابر في أحد مشاهد هذا المساء، على لسان الشيخ الذي ذهبت سارة لتحضر دروسه، وكانت هذه العبارات إشارة من كُتاب هذا المساء إلى مراده ورسالته.

ولذلك نجد أن نظرة الذكور والمجتمع للمرأة هي المحرك الأساسي لكل القصص، الرئيسية منها والفرعية، المرأة هي موضوع هذا المساء -كما سنوضح لاحقاً- رغم أن البطل والخصم، سمير وسوني، كلاهما ذكر، فنرى من خلال الذكور معاناة المرأة، وذلك أكثر نضجاً وصدقاً واختلافاً، عما هو سائد فيما يخص قضايا المرأة. 

(اقرأ: الهرشة السابعة.. الأبناء كموضوع للمسلسل)


هذا المساء.. سمير وتقى

فنجد أن صراع سمير مع تقى يتمحور حول رفضه الارتباط بها بعد مشاهدته لها في فيديو جنسي، ولسنا نقول إن ممارستها للجنس مع رجل بغير زواج أمر مقبول أو هين، ولكن نلفت إلى قسوة سمير والمجتمع المفرطة ضد تقى، رغم أنها تورطت فيما حدث بغير قصد، وحاولت أن تقتل نفسها ندماً وخوفاً، ولكن سمير لم يشأ أن يغفر لها ما فعلت، خاصة لـمّا شاهد الفيديو بالكامل، وتأكد أن ما حدث بينها وبين خطبيها السابق كانت علاقة جنسية كاملة.


هذا المساء.. سمير وسوني

إن شخصية سوني، رغم أنها تمثل درامياً شخصية الخصم بالنسبة لسمير البطل، إلا أنها جديرة بالتأمل والتعاطف، كان سوني وحيداً في حياته، ليس له أسرة أو أقارب، ومنذ الصغر كان يشعر بأن سمير أفضل منه، خاصة حينما كان يعجب بفتاة في المدرسة ويكتشف أنها معجبة بسمير، ما يؤكد على أن المرأة محور المسلسل في كل خطوطه وتفاصيله. 

ومن الملفت أن عبلة التي أحبها سوني وحاول الارتباط بها كان سمير هو الوسيط بينهما، وفي نظر سوني كان سمير أحد أسباب الرفض، وحين تزوجت عبلة تعمد كتاب هذا المساء أن يوكل أكرم سميراً بالزواج منها نيابة عنه، فنرى سوني يرمق سمير أثناء عقد القران بغيرة وحسد وكأنه هو من يتزوج منها.

وكان سوني يأمل أن يكون محبوباً أو مقبولاً من أي امرأة، فنراه في بداية المسلسل يسأل نعمة عن سبب زيارتها له، إن كانت تأتيه رغبة فيه أم خوفاً منه، ونلفت إلى خيبة الأمل التي أصابته لما قالت له إنها خائفة منه، وقرر حينها أن يعفي عنها ما سلف.

وبحسب علم النفس يلجأ من يتعرض إلى مثل هذا الرفض، خاصة في طفولته، يلجأ وتتوجه مشاعره نحو إناث غير مناسبات له، لأن الذي يكره نفسه لن يستطيع أن يختار من يناسبه، وتلك محاولة من اللاوعي لحل عقدة الرفض ما تكاد تتسبب في تكراره مراراً ومراراً، وذلك ما حدث حين انجذب سوني تجاه تقى وخطبها، ورغم أنها حاولت قدر استطاعتها إلا أنها رفضته آخر المطاف وفضلت عليه سمير. 

ولأن تقرب سوني منها منذ البداية لم يكن بدافع المحبة الحقيقية، انقلبت مشاعره تجاهها فور الرفض كرهاً وسخطاً، وعايرها بالفيديو الخاص بها، وهنا نشير إلى أن سوني لم يقبل بالزواج من تقى رغم الفيديو، بل بسببه، فالذي يخشى الرفض يتعمد أن يتقرب ممن يرى لديهم عيوباً، حتى يضمن وجودهم، ولكن ما يحدث أن الرفض يتكرر ويتكرر.

والقبول الوحيد الذي حظى به سوني كان من أم عبير! كان من امرأة في عمر والدته، لا أدرى إن كان هذا النوع من القبول رحمة بسوني أم مزيداً من القسوة عليه، إذ يشعره أكثر وأكثر بأن آماله بعيدة المنال ومستحيلة التحقيق.

إن سوني يظهر شخصاً مؤذياً ومستغلاً، ولكنه الأجدر بالتعاطف والتفهم، وهنا نعود إلى ما ذكرنا سابقاً فيما يتعلق بأن هذا المساء مسلسل اجتماعي وليس تشويقياً، لرغبة صناعه في التركيز على الشخصيات وطبائعهم، ولذلك جاءت شخصية سوني -الخصم- بهذا القدر من الضعف والتعقيد والجدارة بالتعاطف، خاصة بعد ما لاقاه في نهاية المسلسل.

(اقرأ: الخصم مرآة البطل وليس مجرد شرير)

جدير بالذكر أن التعاطف الذي ننشده تجاه سوني لا يعني الدعوة لغفران ما اقترف من آثام، يجب أن نفصل القران المعتاد بين التعاطف والغفران، بين وجود أسباب لارتكاب الخطايا، ومسئولية المرتكب عنها، عندما نبحث ونستعرض الأسباب التي أدت إلى ارتكاب المخطئ خطيئته، نفعل من أجل التفهم والدعوة لاحترام الغير وتقبله، وليس من أجل الدعوة لعدم معاقبة المخطئ. 


هذا المساء.. القصص الفرعية وعلاقتها بالمرأة

رغم أن أكرم في بداية هذا المساء تحدث عن خيانة المرأة مقارناً إياها بخيانة الرجل، وبدا وكأنه متعاطف مع المرأة، إلا أنه آخر المطاف أظهر أنانية شديدة تجاه الإناث في حياته، فقد تزوج من عبلة دون علم نايلة، ورغم أنه في بداية علاقته بعبلة كان يعاملها كما الملكة، وكان النقيض بالنسبة لزوجها السابق، إلا أنه في النهاية أظهر عدم احترام لآدمية عبلة، فمن الواضح إن تلك طبيعة شخصية أكرم، يظهر عكس ما يضمر.

أما شقيقه وشقيقته، شريف وهند، فلم يقلا عنه أنانية، فقد دفعت هند شريفاً لأن يتخلى عن محبوبته دينا لمجرد أنه ليس الرجل الأول في حياتها! وشجعته على الارتباط بسارة التي كانت على علاقة سرية بحازم.

ومن الملفت أن دينا التي رفضتها هند كانت علاقتها بالرجال أفضل من علاقة سارة بحازم، حيث إن حازم كان متزوجاً وعلاقته بسارة كانت سرية، بينما دينا كانت علاقاتها أكثر وضوحاً ونبلاً. 

وجدير بالذكر أن شخصية هند في نهاية الأحداث تسامح زوجها على خيانته لما تواجه نفسها بخيانتها هي أيضاً، ولكنها لا تتراجع عما فعلت ضد دينا، هذا لأن مسلسل هذا المساء يدور في فلك الواقعية، التي لا تقتضي وأن تكفر كل شخصية عما اقترفت من آثام مع نهاية المسلسل، فيما يتناسب مع طبيعة البشر في الحقيقة، وواقع الحياة.


وفيما يتعلق باحترام المرأة نشير إلى تعامل حازم السيء مع سارة، وتعامل شريف الأسوأ مع دينا، وكذلك تعامل والد نايلة مع والدتها في الماضي، ما دفعها للجموح على الكبر.

ونشير كذلك إلى ما فعل عم صفوت حين علم بأفعال أم عبير، وإلى تعامل حامد مع زوجته -والدة نور- فيما يخص خيانتها، فالرجل قد انقلبت حياته، وارتكب جريمتي قتل، بل وكاد يفقد عقله ودخل المستشفى في السجن، وعم صفوت أحرق السينما والمحل وكاد يقتل ثلاثة أشخاص، كل ذلك بسبب خيانة الزوجة!!

ومرة أخرى لسنا نهون من فعل الخيانة والعلاقات الجنسية غير المشروعة، ولكننا نشير فقط إلى الحساسية الرهيبة التي يتعامل بها الذكور الشرقيين تجاه المرأة، وعلاقتها بغيرهم من الذكور.

ما يقودنا إلى مربط الفرس ومضمون هذا المساء ومحوره الرئيسي، وهو علاقة الأنثى بذكر آخر، فقد كان ذلك سبب رفض سمير لتقى، وسبب أساسي لصراعه ضد سوني، وسبب تربية سمير لنور، وسبب شك ومعاناة أكرم في نهاية المسلسل، وسبب رفض شريف لدينا، كانت علاقة المرأة بذكر آخر هي السبب والمحرك الأساسي لكل القصص الرئيسية والفرعية في مسلسل هذا المساء.

(اقرأ: موسم صيد الغزلان.. الأنثى محوراً للقصة)


عنوان هذا المساء

يتصل عنوان مسلسل هذا المساء بجيل الثمانينيات، حيث عبارة: "أين تذهب هذا المساء؟" المرتبطة بدور العرض السينمائية، ما يتصل بالسينما التي ظهرت في المسلسل، وقيام سمير وسوني بالتلصص على الناس داخلها. 

وجدير بالذكر أن جميع حلقات مسلسل هذا المساء تنتهي في المساء، ما عدا الحلقة الأخيرة، ما يشير إلى الأمل الذي يدعو إليه صناع هذا المساء، فرغم جميع الكوارث التي أصابت أبطاله، إلا أنه ينتهي في النهار. 

ونرى في مشهد النهاية سمير وتقى ونور، ما يشير إلى التغير في شخصية سمير، إذ تقبل تقى بعد القوة التي أظهرتها في التعامل مع مشكلتها، وبجواره نور، الجرح الذي يحمله من الماضي، ويحاول التكفير من خلاله عن خطيئته.


تم.

أكتب لنا رأيك في التعليقات، وشارك المقال ليصل للمزيد من الأشخاص.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال