فيلم قص ولزق من إنتاج 2006م، تأليف وإخراج هالة خليل، بطولة شريف منير وحنان ترك. يدور قص ولزق حول شاب مصري متعسر مادياً يخطط للهجرة، فيقرر أن يتزوج صورياً من أجل الحصول على التأشيرة، فكيف سيتحايل على حماته المتمسكة بالتقاليد؟ وماذا سيفعل في حبه للفتاة الذي ينمو رغماً عنه وهي لا تهتم إلا بالهجرة؟
(اقرأ: كيف تكتب لوج لاين؟ شخصية وحدث وسؤالين)
قص ولزق.. قسوة بلا هدف
منذ اللحظة الأولى في قص ولزق يظهر كيف أن الناس تقسو على بعضها البعض دون سبب واضح، فنرى حارس العمارة التي جاء إليها يوسف وجميلة من أجل العمل، يخدعهم ويخبرهم أن المصعد معطل، في حين أنه لن يستفيد شيئاً إذا صعدوا بالمصعد أو من دونه. ومن ناحية أخرى يظهر قص ولزق من خلال هذا الموقف الفارق بين شخصية يوسف وشخصية جميلة، فيوسف لم يشك في حارس العمارة، رغم أنه في حاجة ماسة إلى المصعد، نظراً لما يحمله من أغراض ثقيلة، في حين حاولت جميلة أن تستخدم المصعد خلسة واكتشفت أنه يعمل، ولم يكن معها أحمال مثل التي مع يوسف.
قص ولزق.. عقلية الأم/عقلية المجتمع
وكانت شخصية والدة جميلة في قص ولزق ممثلة للمجتمع المصري، تتعامل مع العريس على أنه كنز لا يعوض، وتتعامل مع الزواج كما لو كان الغاية الوحيدة المنشودة في الحياة، وتقسو قسوة شديدة من أجل المظاهر، فلا مانع في رأيها من أن يتعسر المرء ويعاني من أجل الزواج التقليدي، الذي يستوجب وجود شقة ومهر وشبكة وحفل زفاف فخم. بل وقد اصطحبت يوسف إلى قبر الوالد -حسبما أوهمته- من أجل أن يطلب منه يد ابنته، ويتعرف عليه! وحين كانت تخبرها جميلة بأنها لا تهتم بهذه المظاهر، كانت تجيبها الأم إن ذلك من أجلي أنا! وكأنها هي التي ستتزوج، ما يشير إلى اعتمادية غريبة في العلاقات، خاصة بين الأبناء والآباء، حيث يتعامل الأخيرون مع حياة أبنائهم كما لو كانت حياتهم هم الخاصة. وجدير بالذكر أن الاعتماديين بهذا الشكل رغم أنهم يظهرون حباً جماً لأبنائهم، إلا أن هذا الحب ما يكاد حتى ينقلب قسوة فظيعة، إذا ما لمسوا الرغبة في الاستقلال لدى الأبناء، وذلك ما فعلته الأم حين علمت برغبة جميلة في الهجرة، فقالت بمنتهى القسوة: "اللي يبيعني أبيعه".
(اقرأ: تحليل الهرشة السابعة.. العلاقة بين الآباء والأبناء موضوع المسلسل)
قص ولزق.. جميلة المستقلة بحدية!
وكانت جميلة في قص ولزق -باعتبارها الخصم بالنسبة ليوسف البطل- النموذج المتطرف للاستقلال، إذ كانت تتجاهل العواطف ولا تعطيها اهتمام، وتركز تركيزاً صارماً على السفر دون سواه، في حين أن مشاعرها تجاه يوسف لا تقل في قوتها عن مشاعره تجاهها، ولكنها كنت تقاوم ذلك، وبشدة، حتى أنها قالت له في تلقائية إنها لا يجوز أن تعاشره لأنها تحبه!
وقد كانت الاستقلالية تلك هي الدافع الذي جعل من جميلة لا تجزع عندما غضبت منها أمها، وواجهت قسوة الأم بصدر رحب، وقالت إن أمها ستظل في قلبها مهما كان بينهما من مسافات، وذلك مؤشر واضح على العقلية المستقلة، التي لا تحتاج إلى القرب المادي من أجل بقاء المودة.
قص ولزق.. يوسف المستقل بمعقولية
وكان يوسف في قص ولزق النموذج الإيجابي للاستقلال، فرغم أنه رجل شرقي، كان يعد الطعام ويستطيع أن يخدم نفسه بنفسه، بعكس صديقه سامي على سبيل المثال، الذي تعمد سيناريو فيلم قص ولزق إظهار أن أخواته الفتيات يقومون من أجله بكي الملابس وتنظيف الحذاء وما إلى ذلك. كما يلاحظ أن سامي في أحد المشاهد تعجب من أن يوسف يقوم بتقطيع الملوخية بنفسه، وقال له إن والدته تشتري أكياساً جاهزة. وكان يوسف كذلك شخصاً صادقاً نبيلاً، فلم يحاول أن يوهم مدير الفندق أنه قام بعمل كبير من أجل المال -كما نصحته جميلة أن يفعل- رغم سوء حالته المادية.
وكان يوسف يميل إلى الزهد والاستغناء عما يعجز عن الحصول عليه، ولكن في بلدنا لا مكان لهؤلاء الزاهدين، بعبارة أدق لا مكان للمستقلين، الناس في مجتمعنا لن تدعك ترضا وتتأقلم، وسيثقلون كاهلك دوماً بالمطالب والاحتياجات، حتى وإن أحببت فتاة لها شخصية مستقلة، ستجد منها كذلك جموداً وعدم اكتراث بالمشاعر. وجدير بالذكر أن فكرة القص واللصق قائمة على أن يكون الجزئين متحدين، ولكن يبقى كل منهما قائماً بذاته، أي أن الاستقلال هو الأساس في العلاقة بين الجزئين الملصوقين، الاستقلال هو الأساس في علاقة يوسف وجميلة، وكذلك علاقة سامي وزينب.
إن قص ولزق يعلمنا كيف تكون العلاقات، كيف يتحد الطرفين دون اعتمادية. وينتصر قص ولزق للاستقلالية والحب، ولو كان انتصاراً مؤقتاً، يشوبه الكثير من الخوف، وينتظره الكثير من المنغصات.
تم.
أكتب لنا رأيك في التعليقات، وشارك المقال ليصل للمزيد من الأشخاص.